بوتفليقة .. عاشق التاريخ!
الساعة 11:16 صباحاً

كانت السيارة في طريقها إلى منزل نائب رئيس الجمهورية هادي "وقتها " مارس 2005 وكنت أتساءل يا ترى ماذا يريد ولماذا يدعوني النائب لمقيله بعد ساعات من وصوله من الجزائر بعد تمثيله لليمن في القمة العربية في العاصمة الجزائرية؟

لم أكن غريبا عن مقيل النائب فقد حضرته مرارا وبدعوةٍ منه

وفي كل مرة كان كريما وبسيطا وعلى سليقته وطبيعته

ودخلت المقيل لأرى هادي وحيدا عدا ابن أخيه الذي جلس غير بعيد

وكالعادة ، وفي نهاية البهو على الحائط كان التلفزيون مفتوحا صورةً بلا صوت وتحديداً على قناة الجزيرة وعناوينها العاجلة المثيرة

قال لي هادي وأنا أجلس ونظرة إعجاب واضحة تلوح على ملامح وجهه:

أنا دعيتك من شان أبلغّك تحية الرئيس الجزائري ورئيس الوزراء ورئيس المجلس النيابي على نجاح فعاليات صنعاء عاصمة للثقافة العربية"

لم أخْفِ دهشتي وأنا أستمع إليه .. فأجبت تلقائيا "مش معقول"!

فلم أكن أتخيل أبداً متابعة هذا الطراز من الناس لفعاليات صنعاء!

"يعني الجزائر بكلّها " ههههه

لكنني أضفت مازحا بقصد " هذا الكلام المفروض تقوله للرئيس " فأجابني فوراً " انا قلت له اليوم هذا الكلام"

ثم راح النائب "وقتها" يتحدث عن الجزائر وكرم الجزائريين ومحبتهم لليمن

كنتُ قد التقيت بوتفليقة قبل هذه الواقعة في مقيلٍ صنعاني بديع أواسط تسعينيات القرن الماضي وكنا في مقيل الدكتور عبدالعزيز المقالح في منزل الثائر وأستاذ الجيل المرحوم أحمد حسين المروني وكنا لا نتجاوز 5 أشخاص في ذلك المقيل البهي الذي لا يُنسى

واكتشفت عروبة الرجل وحماسه لليمن ووحدته ومستقبله

كان بوتفليقة على وشك العودة للجزائر ليرشح نفسه بعد غياب لسنوات في الإمارات واليمن ..

والتقيت بوتفليقة رئيسا في العاصمة الجزائر اثناء انعقاد المؤتمر القومي العربي مطلع الألفية الجديدة

وعندما صافحته معرّفا باسمي فاجأني قائلاً " أريد حواراً مفيدا وقويا هنا حول البربر وأصولهم اليمنية"

كان الموضوع مثيرا خصوصا والدكتور ؟البربري" خالد السفياني من المغرب يقف إلى جانبي وفلان "البربري" الشيباني من الجزائر .. يا للأسماء! كل الأسماء اليمنية في المغرب العربي بربرية أو أمازيغية!

.. وقد حاورت بلا جدوى وناقشت بلا نتيجة!

 

وتحدثت مع المؤرخ الكبير المرحوم محمد حسين الفرح عن رغبة الرئيس الجزائري في حوار بنّاء عن البربر وأصولهم اليمنية ..فشمّر ساعد العزم وألهم أصابع الإنجاز ..وأنجز بالفعل!

وكان هذا الكتاب التاريخي المهم

" عروبة البربر .. تاريخ ودلائل انتقال البربر من اليمن… "

وفي أوّل مناسبة وكانت الأسبوع الثقافي اليمني في الجزائر 2007 أصبح الكتاب بين يدَي الرئيس بوتفليقة!

في فبراير 2007 وأثناء الأسبوع الثقافي اليمني في العاصمة الجزائر باعتبارها عاصمة للثقافة العربية فوجئت بدعوتي للحديث عن أواصر الثقافة والتاريخ بين اليمن والجزائر في نشرة السادسة مساءً في التلفزيون الرسمي الجزائري

فيما بعد عرفت أن بوتفليقة هو صاحب قرار مشاركتي على الهواء ولأنها في أهم توقيت لدى الجزائريين!

وعندما غادرت الجزائر وفي المطار فوجئت بهدية من الرئيس بوتفليقة هي عبارة عن صندوق جلدي وبداخله سفينة فضية بديعة مع بطاقة تحيته ومحبته! وما تزال التحفة وبطاقتها في صدر بهو منتداي اليومي وقد وضهتها في مكانها المناسب معتزا بها وبالجزائر التي أحب

السفينة هي رمز الثقافة الجزائرية

وأظنها اليوم وبعد استقالة بوتفليقة ومغادرته السلطة دون إراقة قطرة دم واحدة تكون بعد كفاح قد أرست على شاطئ السلامة ، ولأنه وبعد الكفاح لا يكون سوى النجاح!

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان