قمة عربية في بلد المليون شهيد
الساعة 08:07 مساءً

كانت القمم العربية التي تعقد محل انتقادات واسعة، نظرا لأنها لا تمثل الحد الأدنى لمسماها: قمة، كما أنها لا تقدم لمن تعقد باسمهم: عربا، أي فائدة تذكر.

   من أشهر الانتقادات التي غدت كالمثل السائر ، ذلك الانتقاد اللاذع الذي يقول : اتفق العرب على ألا يتفقوا..!!

   لا أظن أن مؤتمرا عربيا خرج بقرارات ذات فائدة عملية مع كل تلك القمم التي عقدها النظام العربي بمختلف دوله و نوعية نظمه . و موجع أن تذكر هذه السطور بقضية فلسطين التي أشبعها النظام العربي كلاما، و فرط بها واقعا..!!

   رغم التحديات الكبيرة، و الخطيرة التي تقف أمام الأمة العربية، لكن النظام العربي لم يصل الى استيعاب هذه المخاطر و التحديات التي تقف أمامه، فضلا عن أن يواجه هذه التحديات الكبرى .

   و بالتالي لم ترتق مؤتمرات القمة الى مستوى التحدي، الذي يوجب التلاحم، و يفرض التكامل و التعاون. لكن شيئا من ذلك لم يحدث، و ربما ازداد النظام العربي بعدا مع بعضه البعض . و الأسوأ أن تجد من يتقارب مع الكيان الغاصب على حساب القضية الفلسطينية، و على حساب العلاقات العربية العربية..!!

   لعل أخطر مؤتمر قمة عربي؛ كان المؤتمر الذي انعقد في الخرطوم بعد نكبة حزيران 1967م. و هي القمة التي أتت بعد هزيمة منكرة لحقت بالعرب أجمعين، و التي كان يفترض أن تمثل نقطة تحول كبرى في العالم العربي ينتقل معها العرب من مربع التهريج و الفرقة و والعنتريات - التي ما قتلت ذبابة ! بحسب تعبير الشاعر نزار قباني - الى مربع اليقظة و البناء و الوحدة لمحو العار و إزالة آثار الهزيمة و العدوان.

   خرج مؤتمر الخرطوم حينها بقرار أجمع عليه المؤتمر، ملخصا أعماله بلاءات ثلاثة شهيرة ضد الكيان الصهيوني ؛ تقول : لا صلح، لا اعتراف ، لا تفاوض.

 

   و الحقيقة أن قرارات مؤتمر القمة العربية تلك عبرت بكل وضوح عن إرادة الشارع العربي و نخبه و كان المتوقع أن يمضي النظام العربي للعمل لترجمة تلك اللاءات من سائر النواحي السياسية و الاقتصادية و العسكرية، و بصورة تكامل و تنسيق تام، غير أن تلك اللاءات تحولت - للأسف عند البعض - إلى نعم..!!

   و البوم، يقف مؤتمر القمة في الجزائر، الذي بدأ وزراء الخارجية العرب أعماله تمهيدا لانعقاد القمة ، و أمامه واقع مثقل بالمشاكل و القضايا و الأزمات الصعبة التي يعاني منها الوطن العربي الكبير.

   هل ستكون مخرجات هذه القمة على مستوى التحديات، التي يواجهها الوطن العربي، و لو بالحد الأدنى ؟

   بالرغم من كل الإخفاقات التي تتركها وراءها القمم العربية منذ أول مؤتمر قمة عربية، إلا أن قناعة هذه السطور؛ أنها  غدت - للأسف - راضية - حتى بمجرد أن تظل هذه القمم تعقد و تجمع العرب، إذ أصبح انعقاد هذه القمم أمنية و لو تبقى ظاهرة صوتية؛ لأن الحفاظ على هذا الشعور المتطلع لشكل يوحد العرب و يجمعهم، يعطي أملا في أن يأتي واقع عربي يكسر القيود، و ينهي الضعف، و يزيل التبعية، ويلم حقيقة الجهود، و يحقق التلاحم.

   نعم،  سيأتي يوم تشرق فيه الشمس، و يخرج العرب من هذا التيه الذي طال أمده؛ فيقف العرب على أرضية واحدة، يثبتون فيها وجودهم، و يمتلكون قرارهم و اتحادهم و حضارتهم؛ لترفرف راية مجدهم من جديد، وما ذلك على الله بعزيز.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان