الرئيسية - محليات - من هو القائد العسكري اليمني الذي بكى لاستشهاده الزعيم جمال عبدالناصر في ثورة 26 سبتمبر
من هو القائد العسكري اليمني الذي بكى لاستشهاده الزعيم جمال عبدالناصر في ثورة 26 سبتمبر
الساعة 11:35 مساءً (نيوز لاين - متابعات)

نشوان الخراساني

دعوني أقلب صفحات التاريخ لأعود إلى مطلع ستينيات القرن الماضي..

ها أنا هناك..

أقف الآن أمام الرئيس المصري الراحل الزعيم جمال عبدالناصر.. فأراه باكياً !!

أهمس – وأنا اقترب منه على وجل:

 ما الذي يبكيك يا عبدالناصر ؟!

يجيب على سؤالي الفريق السادات (الرئيس المصري الذي خلف الرئيس عبدالناصر) قائلاً: إن فخامة الرئيس يبكي لسماعه خبر استشهاد الملازم علي عبدالمغني ؛ مفجّر وقائد الثورة اليمنية، ثورة السادس والعشرين من سبتمر المشتعلة..

)هكذا يروي الرئيس السادات والمؤرخون وكبار الكتاب أمثال محمد حسنين هيكل أن الزعيم عبدالناصر لم يبكِ في حياته سوى مرتين.. أحدهما عند انفصال مصر عن سوريا.. والأخرى عند سماعه خبر استشهاد القائد علي عبدالمغني – دينمو ومحرك وقائد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة في العام 1962م)

فمن هو #علي_عبدالمغني ؟!

ولماذا يبكيهِ الزعيم عبدالناصر؟!

وما هو السر الذي جعل من هذا الشاب العشريني قائداً بهذا الحجم والمكانة والتأثير ؟!

الملازم علي محمد حسين أحمد عبدالمغني المولود في محافظة إب – وادي بنا – قرية (المسقاة) عام 1937م

أجدني الآن في بيت الرداعي (مسقط رأسه) وأنا أحدق إلى هناك حيث قرية “تبعان” القرية التي ينتمي لها آل الياجوري (أخوال علي عبدالمغني). والتي تربى فيها الطفل اليتيم وعاش طفولته الأولى مع والدته – بعد أن والده وهو في الرابعة من عمره.

لا أجيد فن التصوير وخصوصاً التصوير “سيلفي” إلا أنني أقترب الآن لأبث “فيديو مباشر” من واقع هذه الوليمة والاحتفالية الفرائحيتين..

أدير عدسة الكاميرا إلى هناك.. حيث الطريق المؤدية من قرية تبعان إلى بيت الرداعي..

انظروا معي إلى تلك الزفة الطلابية القادمة من قرية تبعان!!

أترون الفارس الطفل علي عبدالمغني -ابن السبع سنوات- يمتطي صهوة الخيل وحوله زملاؤه ولفيف من أقاربه وجيرانه يزفونه كالعريس.. بمناسبة ختمه للقرآن الكريم هناك في مكتب “نعيان”

وقبل أن تنتهي مراسيم هذه الولائم والأفراح.. دعوني استبق الزمن بمقدار عامين.. لأنطلق إلى صنعاء..

هنا صنعاء 1946م حيث مكتب الأيتام..

يلتحق الشبل علي عبدالمغني بمكتب الأيتام لمواصلة دراسته.. ولكن أترون ما أرى الآن؟!

أتلاحظون الطفل علي عبدالمغني جالساً مع طلاب الصف الرابع منذ أول يوم دراسي؟! نعم .. ما نراه حقيقة.. حيث قررت لجنة الاختبارات إلحاقه بالصف الرابع بحسب مستواه متجاوزاً ثلاثة صفوف دراسية.

أغادر هذا المكان والزمان لأقف على أحداث 48 متجاوزاً تفاصيلها السياسية والعسكرية.. انطلق إلى بستان السلطان في صنعاء القديمة حيث منزل المناضل حسين الكبسي.. وهناك في منزل المناضل الكبسي أرى الرئيس/الرائد جمال جميل (العراقي) قائد ثورة 48 التي لم يكتب لها النجاح.. وقبل أن التقط صورة للمناضلين حسين الكبسي وجمال جميل .. يدخل المنزل الشبل علي عبدالمغني (وهو

 ما أرى!!  بستان السلطان (صنعاء القديمة) حيث منزل المناضل حسين الكبسي في الحادية عشر من عمره) ؛ انظروا إليه.. إنه يسلم على الرجلين ويبتعد عنهما قليلاً..

ولكن يدعوه الرئيس جمال جميل ويجلسه بجانبه ؛ حيث كان جمال جميل معجباً بشخصية الطفل وفطنته وذكائه..

وبينما الطفل كذلك، يسأله الرئيس جمال جميل (فيم تكون السعادة) أي (في ماذا تكون السعادة) ، يرد عليه الطفل بسرعة وإيجاز: “تكون السعادة في الحرية” ؛ فيضمه إلى صدره وهو يتأمله ويقرأ مستقبله العظيم قائلاً للكبسي “لو فشلت ثورتنا لا سمح الله فهذا الشبل هو الذي سيسحقهم ويكمل ما بدأناه”

وقبل أسدل ستار هذا المشهد العظيم بعظمة هذا الشبل.. لابد أن أشيير إلى عظمة المناضل الشهيد جمال جميل أيضاً حتى في التعامل مع الطلاب الصغار.. ، يرسل يده إلى يد الطفل وفيها مبلغ «ألف ريال فرانصي» من العْملِة الفضية (ماري تريزا) ويقول له “هذا المبلغ لك جائزة وعليك أن تهتم بالعلم ولا يشغلك عن التعليم شيء”

وقبل أن أنهي المشهد هذا ؛ أشير إلى هذا المبلغ (الألف الريال الفضي) الذي أودعه علي عبدالمغني حينها في باب السبح عند شخص عرف بالأمانة اسمه عبده قاسم من أبناء قرية هجارة الواقعة في مديرية السدة – إب. أشير إلى أن هذا المبلغ كان كافياً لتغطية نفقات الطفل الشاب طيلة سنوات دراسته.. حيث كان يرتدي أغلى الثياب ويحرص على هندامه ومظهره بشكل أنيق.. بالإضافة إلى انفاق ريالين شهرياً كنثريات متفرقة.. فضلاً عن مساعدته لزملائه المحتاجين في مكتب الأيتام من نفس المبلغ..

المشهد جميل.. والقادم أجمل.. والمخفي أكثر وأكثر.. ولكن لا أطيل..

 سأختصر تاريخاً لامعاً .. سأختزل المرحلة المتوسطة ثم الثانوية التي أصبح فيها الطالب علي عبدالمغني مديراً للمدرسة وهو لايزال طالباً فيها –قبل تخرجه بعام- وذلك بإجماع الأساتذة والطلبة.. ؛ نتيجة وفاة مدير المدرسة.. سأختزل كل هذه التفاصيل بما فيها  تخرجه من الثانوية وحصوله على المركز الأول وتكريمه من قبل وزارة المعارف مع بقية الأوائل من إقامة حفل تخرج والذي ألقى فيه كلمة الخريجين ببلاغة وفصاحة كانت محور الجمال في ذلك الحفل.. والذي تم فيه تكريمه من قبل ولي العهد الإمام البدر وأعطاه قلماً ذهبياً فيما أعطاه وزير المعارف  ساعة يد “أوميغا” وقام بتعينه سكرتيراً خاصاً له في الوزارة.. والذي تمرد بدوره فيما بعد على هذه الوظيفة باعتباره قيداً يحاصره من القيام بواجبه تجاه الوطن والثورة..

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان