عام 1971م خرجت علينا أم كلثوم في ليلة عيد الاضحى، حيث إنها زينت مسرح قصر النيل بروح الدين والفرح، وقدمت أغنية دينية تحمل في طياتها روح الخشوع والتقدير للجمال الإلهي.. كتب الشاعر الزجال بيرم التونسي كلمات هذه الأغنية بأسلوب عامي سهل وجميل، يلامس قلوب الناس في كل زمان ومكان.. وقام الموسيقار الكبير رياض السنباطي بتلحين لحن خالد يعكس فرحة العيد وعمق التفاعل مع الله.

القلب يعشق كل جميل

تم تسجيل أغنية القلب يعشق كل جميل على أسطوانات في عام 1972، حيث أصبحت جزءًا لا يتجزأ من التراث الديني والثقافي المصري.

وتعبر كلمات الأغنية عن تجربة المسلم المؤمن أمام بيت الله الحرام في مكة المكرمة، حيث يحيط بالكعبة بخشوع وتضرع، مبتهلًا راجيًا رحمة الله ومغفرته.

بأداء أم كلثوم الرائع، تركت هذه الأغنية بصمة عميقة في قلوب المُستمعين، مدعومة بقوة الشعور والتعبير الفني.

يُعد هذا العمل الفني تحفة فنية تجسد التلاقي الجميل بين الدين والفن، حيث تمكنت أم كلثوم ببراعة من إحياء الجانب الروحاني للعيد من خلال هذه الأغنية الخالدة.

حاكية أغنية أم كلثوم مع موسم الحج

كتب بيرم قصيدة "القلب يعشق" باللهجة المصرية القريبة من لهجة عامة الشعب، لهجة الفلاح البسيط الذي يمني نفسه بزيارة بيت الله الحرام.

أما أغنيات أم كلثوم الدينية الأخرى، فكانت قصائد بالعربية الفصحى مثل "نهج البردة" و"سلوا قلبي" عام 1946، وقصيدة "إلى عرفات الله" عام 1951، وكلها من شعر أحمد شوقي وألحان رياض السنباطي، وعندما شدت أم كلثوم بالأغاني الدينية عبر شاشة السينما، في فيلم "رابعة العدوية" عام 1963، جاءت أغنياتها فيه بالفصحى مثل "الرضا والنور" و"لغيرك ما مددت يدا"، وكلاهما من شعر طاهر أبو فاشا، وفي عام 1967 شدت أم كلثوم بقصيدة "حديث الروح" للشاعر الباكستاني محمد إقبال.

وكانت أغنية "القلب يعشق كل جميل" الأغنية الدينية الوحيدة لأم كلثوم بالعامية المصرية، فقد كانت أيضًا الأغنية الدينية الوحيدة لمؤلفها الشاعر المصري التونسي بيرم التونسي، صاحب الأغاني العاطفية مثل "هو صحيح الهوى غلاب" و"أنا في انتظارك" و"الحب كده"، وكتب بيرم الأغنية بعد سفره للحج وانتشاء روحه بالرحلة إلى الديار المقدسة.

القلب يعشق كل جميل كانت حبيسة

قصيد "القلب يعشق كل جميل" التي تتناسب كلماتها مع موسم الحج وأعجبت أم كلثوم بكلماتها عندما أعطاها لها بيرم التونسي لتقرأها عام 1961 مع قصيدته العاطفية، "هو صحيح الهوى غلاب معرفش أنا" إلا أن القدر لم يمهل بيرم التونسي حتى تغني أم كلثوم القصيدتين فرحل تاركا الدنيا ولم يسمعها.

وغنت أم كلثوم الأغنية العاطفية "هو صحيح الهوى غلاب" إلا أنها احتفظت بالاغنية الثانية "القلب يعشق كل جميل" عشر سنوات في طي النسيان، حتى جاء عام 1971 احتاجت إلى أغنية دينية تناسب موسم الحج وعيد الأضحى يتغنى بها العرب والمسلمين فى كل مكان ـ  فأخرجت الأغنية الحبيسة والتى كتبها بيرم التونسي قبل رحيله ولحنها زكريا أحمد قبل رحيله أيضا.

إلا أن أم كلثوم لم تأخذ بلحن زكريا أحمد لأغنية القلب يعشق كل جميل التي احتفظت بها عشر سنوات بتلحين زكريا حتى أنه يقال بأن هناك تسجيل للأغنية بصوت زكريا أحمد قبل رحيله، لكنها أعطتها بعد رحيله إلى رياض السنباطي لتلحينها رغبة فى التغيير والتطوير.