2019/04/03
بوتفليقة في آخر رسالة: أعتذر من الجزائريين وأطلب الصفح

طلب عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس الجزائري المستقيل على وقع الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت الجزائر منذ 22 فبراير/ شباط عقب إعلانه ترشحه لولاية رئاسية خامسة، في رسالة وداع جديدة، من الجزائريين "المسامحة والمعذرة والصفح عن كل تقصير"، مشيرا إلى أنه يغادر الساحة السياسية وهو "غير حزين أو خائف على مستقبل الجزائر".

وعقد المجلس الدستوري، اليوم الأربعاء، اجتماعاً للنظر في استقالة بوتفليقة التي قدمها أمس، وأقرّ حالة شغور منصب الرئيس، مخطراً غرفتي البرلمان بذلك.

وخاطب بوتفليقة، اليوم، عبر رسالة نقلتها وكالة الأنباء الرسمية، الجزائريين بقوله: "وأنا أغادر سدة المسؤولية وجب علي ألا أنهي مساري الرئاسي من دون أن أوافيكم بكتابي الأخير هذا، وغايتي منه ألا أبرح المشهد السياسي الوطني على تناء بيننا يحرمني من التماس الصفح ممن قَصَّرت في حقهم من أبناء وطني وبناته، من حيث لا أدري، رغم بالغ حرصي على أن أكون خادما لكل الجزائريين والجزائريات بلا تمييز أو استثناء".

وأضاف: "عما قريب، سيكون للجزائر رئيس جديد أرجو أن يعينه الله على مواصلة تحقيق آمال وطموحات بناتها وأبنائها الأباة اعتمادا على صدق إخلاصهم وأكيد عزمهم على المشاركة الجادة الحسية الملموسة".

واستحضر الرئيس الجزائري المستقيل الحراك الشعبي بقوله: "رغم الظروف المحتقنة، منذ 22 فبراير الماضي، أحمد الله على أني ما زلت كلي أمل أن المسيرة الوطنية لن تتوقف، وسيأتي من سيواصل قيادتها نحو آفاق التقدم والازدهار مولِيّا، وهذا رجائي، رعاية خاصة لتمكين فئتي الشباب والنساء من الوصول إلى الوظائف السياسية والبرلـمانية والإدارية، ذلك أن ثقتي كبيرة في قدرتهما على المساهمة في مغالبة ما يواجه الوطن من تحديات وفي بناء مستقبله".

وأضاف: "إن كوني أصبحت اليوم واحدا من عامة المواطنين لا يمنعني من حق الافتخار بإسهامي في دخول الجزائر في القرن الحادي والعشرين وهي في حال أفضل من الذي كانت عليه من ذي قبل، ومن حق التنويه بما تحقق للشعب الجزائري الذي شرفني برئاسته مدة عشرين سنة، من تقدم مشهود في جميع الـمجالات".

وعرض بوتفليقة لمساره السياسي في بلاده بالقول: "لقد تطوعت لرئاسة بلادنا استكمالا لتلك المهام التي أعانني الله على الاضطلاع بها منذ أن انخرطت جنديا في جيش التحرير الوطني المجيد، إلى المرحلة الأولى ما بعد الاستقلال، وفاء لعهد شهدائنا الأبرار، وسلخت مما كتب لي الله أن أعيشه إلى حد الآن عشرين سنة في خدمتكم، والله يعلم أنني كنت صادقا ومخلصا، مرت أيام وسنوات كانت تارة عجاف، وتارة سنوات رغد، سنوات مضت وخلفت ما خلفت مما أرضاكم، ومما لـم يرضكم من أعمالي غير الـمعصومة من الخطأ والزلل".

وتخلى بوتفليقة في رسالة الوداع عن خطاب سياسي سابق يجعله الركيزة الأساس في الاستقرار الداخلي للبلاد، وقال "ولما كان دوام الحال من المحال، وهذه هي سنة الحياة، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولا لقضائه مردا وتحويلا". وأضاف: "أغادر الساحة السياسية وأنا غير حزين ولا خائف على مستقبل بلادنا"، قبل أن يطلب من الجزائريين "المسامحة والمعذرة والصفح عن كل تقصير ارتكبته في حقكم بكلمة أو بفعل".

ودعا الرئيس المتنحي من منصبه الجزائريين إلى الاحتفاظ له بصورة مشرفة، وقال "ولن يعني لزوم بيتي، بعد اليوم، قطع وشائج المحبة والوصال بيننا، ولن يعني رمي ذكرياتي معكم في مهب النسيان وقد كنتم، وستبقون، تسكنون أبدا في سويداء قلبي".

وحاول بوتفليقة، الذي استلم السلطة في مايو/ أيار 1999، الدفاع عن منجزاته خلال ولاياته الرئاسية الأربع، وأفاد "الآن، وقد أنهيت عهدتي الرابعة، أغادر سدة المسؤولية وأنا أستحضر ما تعاونا عليه، بإخلاص وتفان، فأضفنا لبنات إلى صرح وطننا وحققنا ما جعلنا نبلغ بعض ما كنا نتوق إليه من عزة وكرامة"، واعتبر أنه ساهم في "تقدم نسبي للبلاد".

وكان بوتفليقة قد حاول التمهل في طرح الاستقالة، منذ بدء الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط الماضي، والذي اندلع بعد إعلان الرئيس الجزائري في العاشر من فبراير الماضي ترشحه لولاية رئاسية خامسة، كما طرح بوتفليقة خطة عقد مؤتمر وفاق وطني لتشكيل هيئة رئاسية انتقالية تدير مرحلة انتقالية وتنظم انتخابات رئاسية لاحقة.


لكن قائد الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، رفض أمس، في اجتماع رفيع للقيادات العسكرية، السماح باستمرار بوتفليقة في الحكم حتى نهاية عهدته في 28 إبريل/نيسان الجاري، وطالب بالبدء الفوري بإجراءات تفعيل المادة 102 من الدستور، ورفض الاعتراف ببيان، صدر أمس الأول الإثنين، باسم بوتفليقة، قال فيه الأخير إنه سيستقيل قبل موعد انتهاء عهدته الرابعة، مؤكداً أن هذا البيان لم يصدر عن الرئيس بل عن جهة غير دستورية، في إشارة إلى السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس.

واعتلى بوتفليقة السلطة في الثالث من مايو/أيار 1999، خلفًا للرئيس السابق ليامين زروال، لكنه قام بتعديل الدستور في نوفمبر/تشرين الثاني 2008 ليسمح لنفسه بالترشح لولاية رئاسية ثالثة، ثم ولاية رابعة في عام 2014، وحاول الترشح رغم مرضه لولاية خامسة.

وكان الجيش الجزائري قد حسم في 26 مارس/ آذار الماضي الموقف السياسي لصالح مطلب الحراك الشعبي بتسريع رحيل الرئيس الجزائري، ووجوب تطبيق المادة 102 من الدستور. وطلب رئيس الأركان الجزائري، حينها، تطبيق المادة 102 من الدستور، في خطوة حملت تحولاً كبيراً في المشهد السياسي، وأجهضت كل المبادرات التي قدمتها السلطة لاحتواء تداعيات الحراك.

تم طباعة هذه الخبر من موقع نيوز لاين www.newsline-ye.com - رابط الخبر: https://newsline-ye.com/news2002.html