" الفقر مش عيب"..
الساعة 01:17 صباحاً


هذا قول اتحفظ على كثير من جوانبه اذا كان للتحفظات من فائده...
من وجهة نظري، الفقر ليس عيبا فقط، ولكنه جريمة.. 
زرع الخطاب الديني الجنائزي مسنودا بالخطاب القومي-الإشتراكي الحكومي وهم "تقديس الفقر".
فالفقير يظهر في الأعمال الأدبية والتلفزيونية في صورة الشريف، الشهم، المتمسك بالقيم، بينما يظهر الغني في صورة السيء، المخادع، المتملص من أي أخلاق..
وتظهر دولة القائد باعتبارها نصيرة الفقراء ومقارعة الاغنياء..
لكن هذه الصورة خادعة..  فالأخلاق قد تتناقض مع الفقر اكثر مما تتناقض مع الغنى، لهذا قالوا "الفقر عدو كل فضيلة"..
صحيح أن الغنى والطمع في المزيد من الأموال قد يدفع البعض إلى رفع الاسعار والغش والاحتيال، لكن الفقر أيضا يدفع البعض إلى الرشوة والتسول والاحتيال والسرقة والدعارة.
الذين قالوا "الفقر ليس عيبا" كان همهم الدفاع عن الفقير ضد الخطاب الديكتاتوري الذس يريد تحميل الفقير وحده مسؤولية فقره.
 وهذا صحيح إلى حد ما، فلا أحد يريد أن يكون فقيرا، والوضع الاقتصادي والسياسي العام وخاصة فساد الدولة وطائفية الحكم أحد أهم أسباب سقوط الملايين في هاوية الفقر.
لكن الفقير ليس بريئا براءة تامة من فقره.
فالفقير ينجب أطفالا اكثر من الغني، وهو بهذا يحكم على نفسه وعلى أولاده بالفقر المدقع.. 
وعندما يكثر الاولاد يعجز الأب عن تأمين تعليم محترم لهم، فيتسربون من المدارس إلى الأشغال الرثة منخفضة الدخل، فيحكمون على أنفسهم وعلى اولادهم بالفقر.
ويستسلم الفقير لثقافة التواكل "والرزق على الله" فيحفر حول نفسه هاوية فقر بلا قرار. ويتورط في تعاطي القات والحشيش والمكيفات متحججا انها السبيل الوحيد أمامه للصبر على مرارة الواقع، فيلف حبل الفقر حول رقبته ورقاب أولاده واحفاده.
لهذا يتحمل الفقير جزءا من أسباب فقره، مثلما تتحمل الأنظمة الفاسدة جزءا..
من هذا المنطلق اقول ان "الفقر عيب"... عيب كبير يجب أن نسعى كلنا للخلاص منه.. عيب يجب أن يخجل منه الفقير وبسعى ليكون متعلما وناجحا ومنتجا...
قد ينجح أو قد يفشل في مسعاه.. لكن يجب أن يستمر في معركة الخروج من عنق زجاجة الفقر..
أما دولة المستقبل فلا يجب أن تكون نصيرة الفقراء، ولا تدفع الملايين من ميزانيتها لتلحين اناشيد تبجيل الفقر والأقدام الحافية...
دولة المستقبل هي الدولة التي يختفي فيها الفقراء، ويكون مواطنوها ناجحين وميسورين واغنياء..

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان