الصمت الذي بات يحيط بقضية اليمن ويلف مأساتها ، يجب أن يكسر بصوت الدولة ، الذي أخذ يتخلص تدريجياً ، وبجهود ملموسة ، من غبار الأنقاض .
مهما كانت المآخذ التي يتحدث عنها البعض ، والتي تجد صداها لدى الناس فيما يعيشونه من ظروف غاية في الصعوبة والتعقيد ، إلا أن الأكثر أهمية ، في صلته بمستقبل هذا البلد ، هو عدم السماح بتغييب الدولة وقيمها في معركة استعادتها ممن صادروها .
الدولة ، والدولة وحدها ، هي من يستطيع الصمود في وجه كل من عملوا ، ويعملون ، على تخريبها ،واستبدالها بنظام ثيوقراطي استبدادي سلالي متخلف.
لا يمكن للسلاح أن يصمد وينتصر إلا حينما يتحرك من أرضية الدولة وعمقها الذي يجسد معنى لا لبس فيه للوطن ، والمواطنة ، ومعهما الحياة التي تجعل للتضحية ، عند اللزوم ، معنىً لا يضاهيه أي شيء على الإطلاق .
حينما تغيب الدولة يتعملق الطارئون بمختلف هوياتهم ، ومشاربهم ، ومراميهم ، وأدواتهم ؛ يصغر الوطن ويتضخم تجار الحروب ، يتلاشى المواطن ويترنح في صورة رعوي بائس يبحث عن الأمان في حضن الطاغية ، ويفتش عن لقمة العيش في بقايا موائد المترفين واللصوص ، يغيب الجندي المقاتل الشجاع ، ويعتمر السلاح كل من تضعه الأقدار في طريق تجار الحروب بحثاً عن لقمة عيش أو الطاعة إكراهاً ، تختفي المؤسسة وتحل محلها المضاربة والبلطجة والفهلوة ، يتراجع الخطاب المسئول ويصدح الخطاب الشعبوي المتهافت .
شاهدنا ذلك مراراً في تاريخ اليمن المعاصر ، تكبد اليمن بسبب ذلك خسارة أن يصبح وطناً ، وكانت تلك أعظم الخسارات وأشدها هولاً ..
أن يخسر البلد فرصة أن يصير وطناً هي من الخسارات التي لا يكتفي التاريخ بتسجيلها كحدث ، بل تحمل في مضمونها تاريخاً بأكمله .
ليس لنا الآن أن نغرق في هذا التاريخ إلى النهاية .. لنقل أننا سبحنا فيه بعوامات جمهورية كان لها الفضل في أننا اجتزنا دواماته الكثيرة ، وبنفس العوامة ومعها قيم الدولة وريحتها وشذاها سنجتاز الدوامة الأكثر إعصاراً اليوم .
إحياء الدولة في ذاكرة الناس ..
جعلها حاضرة في وعيهم : بالفعل ، بالكلمة ، بالدفاع عن قيمها ، بحضورها اليومي بين عامة الناس ، بإعلاء مكانتها بالمشروع الاقتصادي والخدماتي مهما كان صغيراً أو كبيراً ، وفرض هيبتها باحترام المواطنة ، بكل ما يعيد الاعتبار لمؤسساتها ، سنتجاوز هذا الإعصار .
أقول مجدداً ، وبكل ثقة ، بالدولة فقط سيتم استعادة الدولة .
لاحظوا أنه بمجرد أن تحركت روح الدولة في شرايين المؤسسات المنهكة كيف تغيرت المعادلة ، وستتغير إذا ما تواصلت الجهود ، فلن يردع الحوثيين الانقلابيين شيء أكثر من تمسك خصومهم بقيم الدولة ، والعمل من خلال مؤسساتها على دحر وهزيمة مشروعهم الارهابي الثيوقراطي المتخلف .
رأينا أنه حينما تضافرت الجهود مؤخراً لاستدعاء قيم الدولة من بين ركام الانكسارات كيف أخذ يتخبط ويهرب الى معارك طواحين الهواء يستنجد بها لحماية مشروعه المفرغ من الوطن ،
إن التمسك بقيم الدولة هو بداية السير على الطريق الذي سينهي هذا الطار ئ في صيغة الطفرة التي عرفت بها مجتمعاتنا حينما تستهين بقيم الدولة وتعمل من خارجها . والتمسك بقيم الدولة يتداخل بمسئولية مع التمسك بتوافقات سياسية وطنية ذات قيمة كبيرة في السير نحو هزيمة الانقلاب الذي أورث بلدنا كل هذا الخراب ، المهم هو كيف يستطيع من وضعتهم الحياة في صدارة المشهد أن يتحرروا من أبواق التطرف ، والحسابات الغلط، التي ستحاول أن تشد حركتهم خارج المجرى الذي يجعل التوافق السياسي الوطني الوجه الآخر للدولة التي وحدها من سيهزم الانقلاب ويستعيد الدولة .
الأكثر قراءةً
الأكثر تعليقاً
-
بالاسم.. غارات أمريكية تصطاد قائدين حوثيين بارزين بهذه المحافظة
-
الكشف عن هوية القائد الذي سيقتحم صنعاء لتحريرها
-
محلل سياسي يكشف علاقة علي عبدالله صالح بالهدف ”السري” القادم للضربة الإسرائيلية في اليمن
-
مصادر تكشف عن مكان تواجد عبدالملك الحوثي هذه الأيام
-
فلكي يمني يكشف عن دخول موسم جديد ويتنبأ بما سيحدث خلال أيام
-
مصادر تكشف حقيقة مصرع محمد الحوثي والعاطقي
-
صحافي فلسطيني شهير يكشف عن مؤامرة كبيرة.. فلسطين لبنان ثم اليمن