ماذا تبقى مني ومن رمضان
الساعة 09:22 مساءً

لرمضان  اشواق واشجان وتباشير وصور وذكريات تتسابق مع بعضها، ما ان جاء رمضان حتى  صعدت  إلى السطح ليلا  لاهرب من ضجيج المدينة الذي يحجب الكثير من الأشياء الجميلة ويغلق نوافذ التأمل  لأجد الليل ساكنا وله عرف رمضان وريحة أمي ومهابة أبي  واطياف الطفولة السعيدة التي مازالت في داخلي طفلا  يرفض ان يكبر أو يشيخ ليحافظ على توازني و يحمي فرح الحياة من التلاشي ولعبي الجميلة من الإنقراض. 

ليل  تزدحم سماءه بالنجوم ويموج بمشاعر متداخلة مع قدوم النسيم يهب باردا عذبا جميلا منعشا وهل هناك أعذب من نسيم  تعز انه قادم من الجنة وله مع ادم وحواء أماسي جميلة ويحمل بين نسماته انفاس من رحلوا واشواقهم وافراحهم وحنينهم؟ 

النسيم مثالا للوفاء واحتضان الاشجان البعيدة القادمة مع الريح وهذا الاخير يمثل  خزانة أسرار لاتنتهي فيه نحيب الايام وحنين الناس على فراق افئدتهم وفيه بكاء  المكان وشهقة الزمان وصمت القبور وفرح الولادة . 

مع قدوم رمضان تستيقظ المشاعر  من تراب الذكريات  وركام الايام  و هبوب الريح بترانيم الماضي وأغاني المساء   وتواشيح رمضان زماااان  ليأتي سؤال يزاحم الذاكرة:

ما الذي تبقى مني ، منا اللحظة  ؟ وهل لتلك اللحظة الشاردة علاقة بهذه اللحظة( الآن ) الاكثر غربة و شرودا من تلك  فلا الآن الآن.. وماهو آت  فات ؟؟؟!!! 

وهل رمضان الذي أتى الليلة قادما من الفردوس هو نفسه رمضان زمان حيث الطفل ينتظره على عتبة الدار ليخرج مع أصحابه للفرح والقفز في (ازقة) المدينة أو (مخالف) القرية  حيث صوت  طبل القرية  الذي يضرب مؤذنا بوقت السحور  وصوت غالب سيف  :

(سحور سحور والديك طار من المنارة للجدار )

ليعود إلى ذاكرة المدينة  حيث  مدفع علي حمود  يدفع من دار النصر بجبل صبر  عند الإفطار فيصافح الاطفال في الشوارع بأصواتهم المشبعة بالفرحة ليرددوا اغنية (دفع دفع ياعلي حمود مراتك جائع قاهي شتموت) ومع بساطة الجملة فقد كانت معبرة عن جيل كامل واجيال بعضهم مازال يحن لها اليوم.

لتكون اغنية الإفطار معلنة عن  فرح ليلة جديدة ولعب جديد وعبادة قائمة على أسوار المظفر ومسجد الاصنج والقرشي و بقية مساجد المدينة  وأصوات الباعة والمتجمعين بعد التراويح على شاهي بن عقلان والشعبي و(طرنبة) الأبي وتبختر بنات المدينة بحشمة جميلة  مسرعات لغاياتهن الرمضانية كامزان نيسان وريح الشمال .

  كل ما يقوله رمضان والطفولة  ودوران الزمان إننا لانعبث نعم لانعبث  بل هي العودة  إلى بيتنا الأولى بيت الخلود ولها أبواب ونوافذ من أقربها واوسعها باب رمضان بطقوسه وروحه ولحظاته المكثفة ففيها ليلة خير من ألف شهر وكل ايام وليالي رمضان فيها روح وبركة وفرص للبذل والعطاء تحتاج من يغتنمها ويغوص في بحارها الملئية بالروح والإلهام والأسرار لمن اراد والذي تدور بمجملها حول الروح وبالروح  وما الانسان سوى روح ياصاحبي 

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا).

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان