هل اقتربنا من المريض صفر؟
الساعة 01:39 صباحاً

 ١. المرضى الستة الذين نقلوا في وضع حرج من فرنسا إلى مستشفى جامعة إيسن،ألمانيا، عاد منهم اثنان إلى بلادهم بصحة جيدة. الأربعة الآخرون لا يزالون في العناية المركزة، وضعهم العام مستقر وقد خرجوا من دائرة الخطر.

٢. قال Wieler، رئيس معهد روبرت كوخ "لقد نجونا من الموجة الأولى". نجحت ألمانيا في امتصاص الصدمة وهي الآن في طور الهبوط، بأقل قدر من الضحايا. قبل شهر قدرت السلطات الطبية معدل الانتقال/التكاثر RO كالتالي: كل مريض سينقل الفيروس لأربعة آخرين. انطلقت الآلة الألمانية بتسارع مثير واستطاعت امتصاص الموجة، احتواءها، ثم تخفيضها. أعلنت وزارة الصحة رسميا انخفاض معدل التكاثر إلى 0.7. أي أن عشرة مصابين سينقلون العدوى لسبعة وليس لأربعين. هناك معادلة أخرى: معدل التعافي من المرض أصبح أسرع من معدل الإصابة. فبينما يقترب عدد الحالات،بشكل عام، من ١٤٠ ألف فإن عدد الذين تعافوا من المرض يقترب من ٨٤ ألف. ما يعني أن عدد الحالات المصابة بالفيروس، الحالات النشطة، أقل من ٦٠ ألف!

٣. سأحدثكم من تجربتنا، من مشفانا، كيف مرت الأيام الماضية: بالأمس كان لدينا في قسم القلب ١٣ طبيب، و١١ مريض. عدد الأطباء أعلى من المرضى. خفضنا كل العمل، ووفرنا كل الطاقة الاستيعابية للكارثة المحتملة. ألغينا كل الجداول، وأجلنا كل ما يمكن تأجيله. الدولة،من جهتها، سنت هذا التشريع الحاسم: سيحصل كل مستشفى على مبلغ ٥٦٠ يورو عن كل سرير فارغ في اليوم! مضت الأمور على نحو جيد،اقتصاديا. استقبلنا ٣٠ حالة كوفيد ١٩ حتى الآن. توفيت منها حالتان. بشكل عام توفي في إيسن ٣٠ مريضا، منهم ٢٢ أعمارهم فوق ال٨٥. بلغت عدد الإصابات عدد الإصابات ٦٧١ حالة،تعافى منها حتى الآن قرابة ٤٠٠ حالة. للسيطرة على هذه البحيرة قامت المشافي بتتبع كل حالات الاشتباه حتى وصلت إلى ٦٠٠٠ فحص، ٩٠% من الفحوصات كانت سالبة. ستفتح الأبواب بالتدريج بدءا من الاثنين القادم، ستعود الحياة تدريجيا.

٤. اليوم، بعد سلسلة من الأخبار الجيدة، فتحت الصحف الألمانية ملف "أصل الفيروس" لأول مرة. شكك وزير الخارجية (عن الاشتراكي الديموقراطي) في لقاء على Bild live بالرواية الصينية حول أصل الفيروس. في تقديره فإن إعادة فتح سوق المأكولات/ الحيوانات في وهان دون أي تغيير في طبيعته يضع أسئلة كبيرة على عاتق الصين. البحث الذي قام به الأخوان زيانغ، من وهان، في فبراير الماضي ونشراه على Research gate يضعنا أمام رواية مختلفة كليا عما نعرفه. فسوق الحيوانات في وهان لا يقدم الخفافيش كطبق غذائي. نقل الباحثات شهادات ل٦٠ (منهم ٣٩ من سكان المدينة، و٢١ زوار دائمون للسوق) شخص حول هذا الموضوع، قالوا جميعهم إن السوق لا يبيع لحم الخفافيش. بحسب الباحثين فعلى بعد أقل من ٣٠٠ متر من السوق يوجد مركز ووهان للتحكم بالأمراض الوبائية، وهو ثاني أهم مركز في ووهان. سبق لهذا المركز أن نشر في العام ٢٠١٣ دراسة حول فيروس هانتانا، شملت الدراسة قرابة ٧٠٠ خفاش. وفي العام ٢٠١٧ أجرت صحيفة شنغهاي تايمز لقاء مع أشهر صائد خفافيش في ووهان،متعاقد مع مركز الأبحاث في المدينة. في حديثه للصحيفة قال إنه عزل نفسه في المنزل مرتين، كل مرة أسبوعين: مرة عندما طارت قطرات من دم الخفاش إلى وجهه، ومرة عندما تبول عليه. وعندما لم تظهر عليه أعراض مرضية عاد إلى عمله. البحث المشار إليه تألف من خمس صفحات، سرعان ما قام الباحثان بإزالته من منصة البحث (أحتفظ بنسخة بي دي إف منه). اختفت سائر الأبحاث الصينية التي ناقشت أصل الفيروس. ألمح وزير خارجية ألمانيا إلى أن السبب الذي جعل السلطات الصينية تعيد فتح السوق بلا أدنى احترازات هو امتلاكها للقصة الأصلية حول أصل الفيروس. في واشنطون بوست طرح أغناشيوس هذه المسألة، وفي تقديره فإن الحديث عن مؤامرة/ حرب بيولوجية هو هراء. حتى الاستخبارات الأميركية استبعدت فرضية الهجوم المقصود، وهو ما تذهب إليه دير شبيغل، وتفترض سيناريو للمريض صفر: موظف مستهتر في مركز ووهان للأبحاث. دير شبيغل زودتنا بمعلومة مهمة عن مركز ووهان ذاك، المتخصص في دراسة فيروسات كورونا. فقد حصل المركز على أقل درجة أمان ممكنة (BSL - 2) من قبل السلطات الطبية الصينية في العام ٢٠١٥. يسمح لنا هذا التقييم الرسمي لدرجة أمان المركز بتخيل طبيعة "المريض صفر".. هناك مركز آخر في ووهان متخصص في الفيروساتWIV، يبعد عن سوق الحيوانات قرابة عشرة كيلو متر، يعد أهم مركز أبحاث فيروسات في كل الصين. سبق لمسؤولين أميركان أن زاروه، ٢٠١٨، ثم قدموا طلبا إلى حكومة بلادهم لدعمه بالمعدات التقنية، فهو - وفقا لكلماتهم- يجري أبحاثا مهمة حول أنواع من الفيروسات الشبيهة بسارس. ووهان هي بيت الفيروس، ليس لأنها تقدم حساء الخفافيش (الأكذوبة التي لا دليل عليها)، بل لأسباب أخرى، فهي كما عرفنا مركز أبحاث فيروسات كورونا في الصين والعالم الثالث. كرر ماس،وزير خارجية ألمانية، دعوته إلى الصين بالعمل بشفافية مع المجتمع الدولي (ستساعدنا الحقيقة على الوصول إلى اللقاح، قال ماس).

٥. الحياة تعود بالتقطير، ولكن علينا أن لا نقع في الفخ، أن نبالغ في الطمأنينة. ثمة توقعات بصعود الموجة من جديد بعد خروجنا من العزلة وعودتنا إلى الحياة. الموجة الثانية قد تكون مدمرة، كما تتخوف الديلي تيليغراف. سيعتمد شكل حياتنا وأمننا المستقبلي، ما بعد الطوفان، على قدرتنا على فهم الكارثة اجتماعيا، فلسفيا، وعلميا. الموجة الأولى من سارس، ٢٠٠٢/٢٠٠٣، انهارت في أبريل. لماذا؟ لنأمل أن تعمل ظروف كثيرة معا لاحتواء الوباء، في مقدمتها تفكيك حياتنا الجماعية والطبيعة الموسمية للفيروس (طبيعة افتراضية فنحن لا نعرف عنه الشيء الكثير، ويعتقد على نحو واسع أنه ناتج عن دمج فيروسين مختلفين من سلالة بيتا كورونا). 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان