عدن في شهر ونصف من " الإدارة الذاتية " للانتقالي . مدينة منكوبة وموت وخراب ديار
الساعة 12:08 صباحاً

 

 في 25 أبريل نيسان الماضي أعلن المجلس الانتقالي ما أسماها " الإدارة الذاتية " في المحافظات الجنوبية وذلك بالتزامن مع إعلانه لحالة الطوارئ وهو ما قوبل حينها برفض واسع في عموم محافظات الجنوب ولذا فقد اقتصرت " الإدارة الذاتية " للانتقالي على مدينة عدن وضواحيها وبعض مناطق محافظة أبين التي يسيطر عليها الانتقالي بقوة السلاح . مر أكثر من شهر ونصف على هذا الإعلان الذي قال الانتقالي فيه أنه تحرك لإنقاذ الجنوب من فساد الشرعية وبعد هذه الفترة نتساءل : ما هو التقييم الأولى لهذه " الإدارة الذاتية " للانتقالي في عدن ومناطق أبين ؟ ولكي نخرج بتقييم موضوعي لابد ان نلقي الضوء على واقع الحال في مدينة عدن وما حولها في المجالات الصحية والأمنية والخدمية والاقتصادية والحقوقية. * انهيار الوضع الصحي بعدن منذ فرض الانتقالي للإدارة الذاتية بعدن وما حولها انهار الوضع الصحي بعدن واغلقت المستشفيات والمراكز الطبية أبوابها وفر الأطباء منها لانعدام وسائل السلامة التي تضمن عدم اصابتهم بفيروس كورونا ورغم وصول بعض شحنات المساعدات الطبية الأممية وغيرها إلا أن الوضع الصحي في المدينة ما يزال كارثيا بكل المقاييس حيث سجلت الإحصائيات الرسمية في المدينة وفاة 950 حالة بفيروس كورونا وبالحميات التي غزت المدينة بعد كارثة السيول ، اي ما يقارب ألف حالة وفاة خلال أسبوعين فقط من شهر مايو أيار الماضي ، كما رأينا تلك الصور المرعبة للمقابر الجماعية للموتى الذين سقطوا فريسة للأوبئة والحميات ولفيروس كورونا ، ولكي ندرك مدى كارثية الوضع الصحي بعدن يكفي أن نعلم بأن المدينة التي يقارب سكانها مليون نسمة لا يوجدفيها سوى 60 سريرا في مستشفى واحد مخصصة لحالات وباء كورونا و7 أجهزة تنفس صناعي وهذا بحسب تصريح الدكتور سالم الشبحي رئيس لجنة الصحة والبيئة في الانتقالي ، الآن أغلب المستشفيات بعدن ترفض استقبال اي مصاب بفيروس كورونا لعدم وجود أجهزة تنفس صناعي وفي 7 يونيو حزيران الماضي صرح مصدر في الأحوال المدنية لموقع " المشهد اليمني " أن حالات الوفاة بمدينة عدن قد انخفضت إلى 24 حالة وفاة يوميا حيث تراجعت مما يقارب 88 حالة يوميا إلى 24 حالة يوميا وهو رقم ما يزال كبيرا بكل المقاييس ولا يوجد للأسف رقم محدد لعدد ضحايا الوباء والحميات بعدن خلال الأشهر الماضية لكن قناة سي إن إن الأمريكية اكدت في تقرير لها نشرت صحيفة " الأيام " ترجمة له أن عدد الوفيات بعدن بسبب كورونا والأوبئة والحميات تجاوز عدد ضحايا الحرب بعدن ، كل هذه الكوارث والانتقالي لا هو أستطاع النهوض بالوضع الصحي أو قام بأية إجراءات لحماية الناس ولا هو تراجع عن الإدارة الذاتية واعترف بفشله وسمح بعودة الحكومة الشرعية لمعالجة الوضع الكارثي بعدن .! * فشل الانتقالي في توفير الخدمات بعدن رغم الصيف الساخن الذي يعيشه أبناء عدن إلا أن سلطة الانتقالي قد فشلت في تأمين خدمة الكهرباء لمدينة عدن وايجاد حلول وبدائل للانقطاعات الطويلة والمتكررة للتيار الكهربائي بعدن والتي ضاعفت معاناة المواطنين وتسببت بتظاهرات يومية ضد سلطة الانتقالي حيث يخرج المئات من شباب عدن يقطعون الشوارع ويتظاهرون ويهتفون ضد الانتقالي وسلطته الفاشلة فتقابلهم قوات الانتقالي بالرصاص الحي وتقتل وتصيب عددا منهط وتعتقل آخرين . ورغم الرخص العالمي لأسعار المشتقات النفطية فقد فشل الانتقالي في توفير كميات كافية من مادة الديزل المخصص لكهرباء عدن كما فشل في توفير كهرباء تجارية لمدينة صغيرة بحجم عدن أو فتح المجال للاستثمار في مجال الكهرباء أو تشغيل كهرباء بكل طاقتها رغم كل الامكانيات التي يسيطر عليها واستحواذه على كل الايرادات وخضوع البنك المركزي بعدن لسلطته ، ومثلما فشل في توفير الكهرباء فقد فشل في إيجاد بقية الخدمات للمواطنين مثل المياه النظيفة ورفع المخلفات من الشوارع وإزالة آثار السيول التي طالت عدن كما فشلت سلطة الانتقالي حتى في إزالة وردم برك المياه وبحيرات الصرف الصحي التي مثلت بؤرة ملائمة لأسراب البعوض الذي فتك بالمئات من أبناء عدن . ! * فشل الانتقالي في تثبيت الأمن والاستقرار واقع الحال في مدينة عدن يؤكد أنها تحولت تحت سلطة الانتقالي إلى بؤرة للفوضى والعنف وغياب الأمن والاستقرار رغم صغر المدينة وكثرة الألوية والقوات والمليشيا والفصائل المسلحة التي تعج بها المدينة ومع هذا ما تزال عدن تسجل أعلى معدلات الاغتيالات وحوادث العنف والفوضى والسطو المسلح على المحلات التجارية والنهب المنظم للممتلكات الخاصة والعامة والسطو على أراضي الدولة والبناء العشوائي عليها رغم أن القوات التي ترابط في هذه المدينة كلها موالية للانتقالي ومع هذا فقد فشل الانتقالي رغم كل الإمكانيات والقدرات الأمنية والعسكرية في تثبيت الأمن والاستقرار بعدن بل زادت معدلات الفوضى والعنف والعنصرية ضد أبناء المحافظات الشمالية بعدن بعد سيطرة الانتقالي عليها وهذا ما يؤكد على ان الانتقالي لا يمتلك مشروع دولة ولم يقدم البديل الإيجابي لغياب الحكومة الشرعية التي رغم فسادها وفشلها إلا أنها افضل حالا من الانتقالي وبألف مرة بدليل أن الوضع في المحافظات التي تخضع لسيطرة الحكومة مثل شبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى ومأرب أفضل حالا من عدن وبعض مناطق أبين التي تخضع لسلطة الانتقالي الذي فشل فشلا مدويا ما جعل كل محافظات الجنوب ترفض تواجده فيها وترفض الإدارة الذاتية التي أعلنها في 25 أبريل نيسان الماضي . * تدهور الوضع الإقتصادي بعدن واذا كان الانتقالي قد فشل في الجانب الصحي والأمني والخدماتي فمن المؤكد بأنه قد فشل في الجانب الاقتصادي الذي تدهور بشكل مخيف رغم أن عدن لديها مقومات النهوض الاقتصادي ولديها مطار دولي وميناء دولي ولديها موقع متميز إلا أن الانتقالي قد أغلق المطار الذي كان يعد شريان حياة للمدينة وإن كان قد سمح مؤخرا بعودة العالقين من أبناء المدينة في الخارج كما أن الوضع في الميناء التاريخي في أسوأ حالاته حيث فشل الانتقالي في إدارة الميناء وأدى لتدهوره وتراجع الحركة التجارية فيه إلى أدنى مستوياتها . كما فشل الانتقالي في ضبط سعر صرف العملة حيث ارتفع سعر الدولار الواحد إلى 730 ريالا رغم أنه في صنعاء بحوالي 608 ريالا ورغم إعلانه عن حملات لضبط المتلاعبين بالعملة وإغلاق بعض محلات الصرافة وبيع العملات إلا أنه لم ينجح في إعادة سعر الدولار إلى ما كان عليه أيام وجود الحكومة الشرعية أو حتى إلى نفس السعر في صنعاء التي لا يوجد فيها بنك مركزي رسمي معترف به كما هو الحال في عدن . كما أن النهب والابتزاز الذي تمارسه المليشيا المحسوبة على الانتقالي على التجار ورجال الأعمال أدى لهجرة كبيرة للمستثمرين ورجال الأعمال من عدن حتى توقفت شركات كبرى وأغلقت العديد من المؤسسات في المدينة وتوقفت مشاريع استثمارية ضخمة كانت ستوظف الآلاف من أبناء عدن. * غياب الحقوق والحريات بعدن .. واذا كان هذا هو الحال في الجوانب الصحية والأمنية والخدمية والاقتصادية فالحال في مجال الحقوق والحريات ما يزال في أسوأ حالاته حيث قتل قبل أيام الصحفي نبيل القعيطي مصور وكالة فرانس برس الموالي للانتقالي برصاص مسلحين مجهولين بجوار منزله بحي دار سعد بعدن كما طالت حالات التهديد بالتصفية الجسدية الكثير من الصحفيين والناشطين حيث تلقى رئيس تحرير صحيفة " عدن الغد " الأستاذ فتحي بن لزرق قبل أيام تهديدا بالقتل من قيادي بالانتقالي رغم أن الصحيفة معروفة بأنها مهنية ومتوازنة . ويواصل الانتقالي سياسة التهديد والقمع وتكميم الأفواه ، كما أن الوضع في السجون بعدن ما يزال كارثيا بكل المقاييس وتزال هذه السجون سيئة الصيت مليئة بشباب عدن على الرغم من صدور أحكام قضائية بالإفراج عن الكثير منهم ، كما تؤكد تقارير المنظمات الحقوقية أن المئات بعدن ما يزالوا في عداد المخفيين قسريا وما يزال التعذيب والقمع يمارس فيها بشهادات المنظمات الحقوقية المحلية والدولية . في عدن ما تزال الاختظافات تطال حتى المؤيدين للانتقالي وبشكل شبه يومي رغم التظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي تنظمها " رابطة أمهات المختطفين " وبشكل شبه يومي للمطالبة بالافراج عن المختطفين وكشف مصير المخفيين قسريا أو تقديمهم للمحاكمة بدلا من حبسهم لسنوات من غير محاكمة قضائية عادلة وعلى الرغم من تحذير المنظمات الحقوقية المحلية والدولية من إصابة بعض السجناء بفيروس كورونا والمخاوف من انتشاره فيهم ما يزال هؤلاء يقبعون في السجون ظلما وبلا محاكمة وفي ظروف غير انسانية وسط صمت رسمي محلي وإقليمي ودولي . * الانتقالي يكتب قصة فشله بيديه لقد فشل الانتقالي في كافة المجالات ، وظهر فشل الانتقالي بعد إعلانه الإدارة الذاتية حيث كان يعلق الفشل على شماعة الحكومة الشرعية ويحملها المسؤولية عن كل فساد وفشل وبعدها حمل المسؤولية وظهر فشله للجميع ، لقد فشل الانتقالي في إدارة مدينة صغيرة مثل عدن وفشل في توفير الخدمات الأساسية لأهلها وفشل في تثبيت الأمن والاستقرار فيها وفشل في إزالة مخلفات السيول أو رفع المخلفات في الشوارع ، فشل في كل المجالات وهو ما أسقط مشروعه في الجنوب حتى أن الصحفي العدني المعروف فتحي بن لزرق وصف مؤخرا إعلان الانتقالي للإدارة الذاتية بعدن بأنه "فخ نُصب للمجلس الانتقالي ووقع فيه بكل سذاجة " . فعلا لقد كشفت الإدارة الذاتية مدى فشل الانتقالي وسقوط مشروعه في الواقع وبيديه لا بيد غيره والمصيبة أنه ما يزال يكابر وينكر الواقع ويصر على استمراره في الإدارة الذاتية وربما يواصل مسيرة الفشل المتواصل حتى يثور عليه كل أبناء عدن وأبين ثورة حقوقية عارمة في الأيام الأسابيع القادمة ومؤكد بأن الانتقالي قادم على صيف ساخن بعدن ما لم يسارع للتراجع والتوافق مع الحكومة الشرعية على تفاهمات وترتيبات سياسية جديدة تعيد الحكومة لعدن لتحمل معه جزء كبير من تبعات فشله وتعفيه من بعض المسؤولية التي تحملها وفشل فيها .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان