دور القوات السعودية في تسليم سقطرى لمليشيا الانتقالي
الساعة 01:34 صباحاً

 ما حدث بالأمس في محافظة أرخبيل سقطرى اليمنية لم يكن مفاجئا لمن يتابع الأوضاع في ذلك الأرخبيل الهام الذي يمثل جوهرة السياحة اليمنية وإحدى أروع وأهم الجزر في العالم كله ، ما حدث هو تمكن مليشيا الانتقالي الممول من الإمارات والسعودية من الدخول إلى مدينة حديبو عاصمة أرخبيل سقطرى والسيطرة على أهم المقرات الحكومية فيها وقد كشف هذا الحدث عن الدور السعودي الهام في التمكين لمليشيا الانتقالي المتمردة وهو ما سنتحدث عنه في هذا المقال .. هذا التواطؤ السعودي الذي يرجعه البعض لضغوط سعودية على الشرعية لرفضها اتفاق جديد ومعدل لاتفاق الرياض يمكن للانتقالي سياسيا ما عجز عن تحقيقه عسكريا فأرادت السعودية ان تعاقب الشرعية وتضغط عليها بهذا التواطؤ في سقطرى وسواء صح هذا الطرح أم لم يصح فقد كشف هذا التآمر السعودي المكشوف للقلة من أبناء اليمن الذين كانوا ما يزالون يعولون على السعودية للعب دور إيجابي أو أقل ضررا من الإمارات في اليمن أنهم كانوا واهمون فقد تأكد الجميع أن السعودية هي قوة احتلال غاشم واجرامي في اليمن وتتبادل الأدوار مع الإمارات وتعمل على تمكين المليشيا الموالية للإمارات في الجنوب وفي المقابل تقوم بإحراق ما بقي من أوراق تمتلكها الشرعية وتدمر ما بقي لها من سلطة حتى تتحول إلى مجرد لافتة مجردة من السلطة وأدوات التأثير منزوعة المخالب والأنياب وحتى تتحول الشرعية إلى مجموعة من الموظفين المغلوبين على أمرهم المحتجزين في فنادق الرياض يوقعون للسعودية ما تشاء وعلى بياض لتصيغ ما تشاء من اتفاقات تشرعن وجودها ووجود حليفتها الإمارات وأدواتها ومليشياتها المتمردة في اليمن . الحديث عن دور السعودية في تدمير سلطة الشرعية اليمنية وإحراق أوراقها وتمكين مليشيا الانتقالي يطول ذلك ان السعودية بذلت على مدى الأعوام الماضية جهودا تخريبية كبيرة في هذا المجال وقد أثمرت جهود المملكة عن تمكين مليشيا الانتقالي في عدن وأبين وشرعنة المجلس الانتقالي في اتفاق الرياض وتنصيبه كممثل للجنوب وتسويقه للقوى الإقليمية والدولية وقد تم هذا بالتنسيق الكامل مع الإمارات وهناك تفاصيل كثيرة ولكننا في هذا المقال سوف نتحدث عن أبرز جهود السعودية في التمكين لمليشيا الانتقالي في سقطرى وهي : 1- اللجوء إلى سياسة الوساطات التخديرية : منذ بدء التحركات التخريبية لمليشيا الانتقالي في أرخبيل سقطرى كترجمة للأطماع الإماراتية والسعودية في هذا الأرخبيل الهام اتخذت السعودية سياسة الوساطات والاتفاقات التي كانت تمكن دوما لمليشيا الانتقالي وتمنحها الوقت لكي ترتب صفوفها وتلملم شتاتها وتكسب مزيدا من الجنود والمسلحين ففي كل مواجهة مع قوات الشرعية كانت القوات السعودية بسقطرى تتدخل وتضغط على قوات الشرعية وتوقف هذه الاشتباكات لتعطي الفرصة لمليشيا الانتقالي وتمنع قوات الشرعية من الإجهاز عليها وكانت تقوم بنشر نقاط تحول دون حدوث اشتباكات بين الجانبين. ولقد اتضح أن هذه الاتفاقات والوساطات كانت وسيلة للمحافظة على مليشيا الانتقالي ولتخدير للشرعية حيث أعطت الوقت للانتقالي ليشتغل ويخطط ويجلب المقاتلين ويشتري القيادات والجنود حتى يحقق أهدافه وقد حولت هذه الاتفاقات مليشيا الانتقالي في سقطرى من مجموعة من المخربين المتمردين على الحكومة إلى طرف معترف بها وقوة لها وجود وثقل باعتراف الطرف الآخر . 2- دعم مليشيا الانتقالي بالمال والعتاد على مدى الأشهر الماضية دعمت القوات السعودية مليشيا الانتقالي وسهلت لها استقدام المئات من المسلحين من الضالع ولحج وأبين على متن سفن إلى سقطرى وجهزت لهم المقرات المطلوبة والعتاد وسهلت عمليات تسليحهم وتدريبهم وبالمقابل منعت القوات السعودية الحكومة من إرسال اي قوات إلى سقطرى أو تسليح القوات الحكومية هناك بأسلحة حديثة كما قامت القوات السعودية بصرف رواتب مغرية لمليشيا الانتقالي ولكل جندي ينضم للانتقالي في سقطرى وبالمقابل كانت وما زالت رواتب القوات الموالية للحكومة تتأخر لأكثر من 6 أشهر فيما يجد من ينضم للانتقالي من الجنود الرواتب الكبيرة التي تصرف بالريال السعودي شهريا ويجد كل الامتيازات . 3 - شراء القيادات والكتائب والألوية قامت القوات السعودية في سقطرى وبالتنسيق مع الضباط الإماراتيين بشراء ذمم الكثير من الضباط والقيادات العسكرية المؤثرة وخصوصا تلك التي تصدر بحقها قرارات إقالة من وزارة الدفاع فتعلن وعلى الفور الولاء للانتقالي وترفع علم الانتقالي وتجمع حولها ما تستطيع من الجنود وبهذه الطريقة تمت السيطرة على معسكر اللواء الأول مشاة بحري، عقب التمرد الذي قاده أركان حرب اللواء، العميد، ناصر قيس، احتجاجا على عدم تعيينه قائدا للواء وذلك بعد تلقيه الدعم من القوات السعودية الإماراتية في سقطرى وبسيطرة مليشيا الانتقالي على هذا المعسكر الهام مالت الكفة لصالح الانتقالي كونه يحتوي على أضخم الأسلحة النوعية في سقطرى حيث استولت مليشيا الانتقالي على كامل عتاد هذا المعسكر الهام . 4- الانسحاب وتسليم النقاط للانتقالي اتخذت القوات السعودية في سقطرى أسلوب الخديعة المباغت حيث انسحبت من النقاط العسكرية التي كانت تتمركز فيها في غرب مدينة حديبو وبشكل مفاجئ مساء الخميس الماضي وسلمتها للانتقالي بعد أن تمركزت فيها وفقا لاتفاقات سابقة وكان آخر اتفاق رعته القوات السعودية بين القوات الحكومية ومليشيا الانتقالي يوم الأربعاء الماضي وفي مساء اليوم التالي نكثت اتفاقها وغدرت بالقوات الحكومية والسلطة المحلية وسلمت النقاط التي كانت تتمركز فيها لمليشيا الانتقالي وانسحبت وابلغت السلطة المحلية أنها لن تتدخل فوجدت مليشيا الانتقالي الطريق سالكا وممهدا إلى مدينة حديبو عاصمة الأرخبيل بعد ان انسحبت القوات الحكومية أمام مليشيا الانتقالي لعدم وجود تكافؤ في التسليح بين الجانبين وحرصا على حقن الدماء وعدم إلحاق الأضرار بالمدنيين في هذه المحمية الطبيعية والأرخبيل المسالم والذي لم يعرف الحروب منذ قرون . 5 - عدم الضغط على قيادات الانتقالي اتخذت السعودية سياسة عدم الضغط على الانتقالي لايقاف هذه التحركات رغم قدرتها على ذلك حيث يرى الكثير من المتابعين والمراقبين أن السعودية لو كانت جادة في إيقاف هذه التحركات المسلحة التي تقوم مليشيا الانتقالي في سقطرى وفي غير سقطرى لاكتفت باتصال مع قيادة الانتقالي التي تتواجد بالرياض وعلى رأسها رئيس الانتقالي عيدروس الزبيدي وفي هذا الصدد يقول وزير الثقافة الأسبق الأستاذ خالد الرويشان في منشور بصفحته بالفيسبوك : " لو كانت النوايا حسنة! اتصالٌ بالهاتف فقط وتعود سقطرى! تستطيع السعودية باتصال هاتفي واحد مع ضيفها قائد الانتقالي الانفصالي المقيم في قصره الفخم في الرياض أن تنهي كارثة التمرد في جزيرة سقطرى في دقيقة واحدة لو أرادت! اتصالٌ حازمٌ واحد لو كانت النوايا بيضاء يكفي اتصالٌ واحد بالهاتف وستعود سقطرى كما كانت في دقائق لكنّ النيّة خاربة!" . * الواجب على اليمنيين كل هذا التآمر السعودي الواضح لا يعفي الحكومة اليمنية من مسؤوليتها فقد تفرجت على ما يحدث منذ أشهر دون أن تحرك ساكنا أو تقوم بنجدة قوات الجيش الوطني واتخاذ إجراءات ومواقف حازمة تغير من مواظين القوى لصالح قواتها ، بل لقد ركنت تماما على القوات السعودية المتآمرة حتى استيقظت على الكارثة والأرجح أنها لم تستيقظ بعد . حكومة معين عبد الملك تتحمل جزء كبير من المسؤولية رغم احتجازها في فنادق الرياض وبمقدورها إعلان موقف ومصارحة الشعب بما يحدث أو حتى الفرار من هذه الفنادق واتخاذ موقف وطني مشرف بدلا من العمل كواجهة لشرعنة هذا الاحتلال السعودي الإماراتي في اليمن وشرعنة جرائمه بحق اليمن أرضا وانسانا . إن هذه التطورات الخطيرة مثلما أسقطت ما بقي من ورقة التوت التي كانت تتستر بها السعودية وقواتها في اليمن وعرتها تماما واظهرت سوءتها للجميع لتفرض على جميع اليمنيين الغيورين على وطنهم التحرك العاجل والوقوف صفا واحدا ضد هذا الاحتلال السعودي الإماراتي والعمل على مواجهته بكل السبل والوسائل الممكنة .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان