أمريكا وإيران
الساعة 10:19 مساءً


القوة النووية أم النفوذ الإقليمي؟
ضغط ترامب أم مهادنة بايدن؟
..وحرب اليمن


هاجس أوروبا وأمريكا وإسرائيل الأول تجاه إيران، هو الخوف من امتلاكها للسلاح النووي.

هاجس "بعض" العرب، هو الخوف من توسع نفوذها الإقليمي.

"معظم" العرب، تائهون وضائعون ولا يكترثون.

هذه محاولة لبحث هذا الموضوع من زوايا متعددة.

**
أولا: إيران
**

إذا خيروا إيران بين النفوذ الإقليمي وامتلاك السلاح النووي، فستختار الاستمرار بالسيطرة على بيروت وبغداد ودمشق وصنعاء.

١- النفوذ الإقليمي

السيطرة على ٤ عواصم عربية، هو نتيجة عمل دؤوب ومثابر ابتدأ في الثمانينات من القرن الماضي، واستولت على الدول الأربع وانتزعتها بفنون الخطوة خطوة والحبة حبة من أفواه العرب وآخر معاقل القومية العربية وأمريكا والسعودية والدول العربية الخليجية وإسرائيل.

ولن نذكر تركيا التي تدخل مؤخرا للبحث عن أي عاصمة عربية باقية.

تفاصيل المجهود الإيراني في التغلغل داخل البلاد العربية باختراق الأقليات المشحونة بالضغائن وتسمينها وشحذها وإطلاق عنانها على أهل بلادها وتمكينهم من السيطرة واستلام السلطة ، واضحة ومعروفة.

هذا مجهود ٤٠ سنة، وقد نجح بطريقة فارسية مبهرة.

والجائزة الكبرى لمجهود التوسع الإقليمي مازالت في الانتظار، وهي سقوط العاصمة العربية الخامسة- الرياض- بيد شيعة الأحساء مثل ما عملت في الطرق المختلفة لسقوط العواصم الأربع.

ملالي إيران وحرسها الثوري، لن يقبلوا أبدا بخسارة النفوذ الإقليمي ومستعدون  لتحمل أي ضغوط، ولخوض أي حروب، ولتكبيد الشعب الإيراني أي خسارة، ولإلحاق الدمار بكل البلاد العربية الواقعة تحت سيطرتها.

ولعل من أبرز معالم نجاح إيران هي نقلها للمواجهات العسكرية مع الغرب والعالم العربي إلى داخل البلاد العربية بدلا من أن تخوضها داخل بلادها.

٢- السلاح النووي

هل يمكن تخيل أي سيناريو الذي به ستستعمل إيران القنبلة النووية ضد إسرائيل أو ضد أوروبا أو أمريكا.. أو السعودية؟
لا.
لن تستعمل إيران السلاح أبدا إذا ما امتلكته.

أحلى ما في المجهود النووي الإيراني- بالنسبة لهم- هو أنه:
١- يخيف الغرب ويمكن استعمال النووي للمقايضة

٢- يجعل الغرب والعالم مستعدا لأن يعترف بأن لإيران مصالح إقليمية مشروعة، وهذا يعني سيطرتها على العرب، وهذا هو ما وافق عليه أوباما في إتفاق جينيف.

حتى الصين وروسيا- اللاتي كانتا تشمئزا من الملالي والعمائم السوداء والبيضاء والتطرف والتزمت الديني- قد أصبحتا أقرب لإيران من العرب بسبب مناوءتها لأمريكا وأوروبا واحتمال أن تكون حليفا يتم به إزعاج الغرب.
ولا يوجد ما يهدد الصين وروسيا من توسع إيران الإقليمي ولا من طموحاتها النووية.

وحتى تركيا أردوغان، متجملة من إيران في موقفها القوي والناصح والمساعد للرئيس التركي في ٢٠١٦ عند الانقلاب العسكري التركي، بالإضافة إلى أشياء أخرى من مسألة الأكراد إلى تفاهمات بشأن مساندة قطر  وشمال سوريا والعراق وليبيا.
باختصار، تركيا لن تعادي إيران ولا مشروعها النووي ولا نفوذها الإقليمي.

**
ثانيا: أمريكا بصفة عامة
**

أمريكا- بكل أطيافها- مصلحجية مثلهم مثل أي كيان أو مكان في العالم، وهناك قناعة عامة بالآتي:

١- مستحيل الدخول في أي حرب جديدة في الشرق الأوسط.
فكلها حروب "عبثية".

٢- إيران، قد جهزت نفسها بوسائل الحرب غير التقليدية لمواجهة أمريكا وقد خلقت حالة تمنع أمريكا من التصعيد لأن هذا قد يؤدي إلى حرب طويلة وهذا ما لا تريده أمريكا.

٣- الرئيس ترامب، قد ضرب إيران بقسوة عندما قصف وقتل قاسم سليماني قائد الحرس الثوري وهو يتآمر في بغداد مما جعلها تتحمل بعض الإهانات كما يحدث الآن من عدم تصعيدها ضد إسرائيل التي تقتل الأطقم الإيرانية داخل سوريا بدون رد منها ولا من ميليشياتها الشيعية حسب ما كانت عليه العادة.

٤- يمكن الحصول على أي مصلحة بدون أي حرب

٥- أمريكا أصبحت أكبر منتج للنفط.
وأوروبا قد أمنت نفسها بخطي أنابيب طاقة من روسيا عبر تركيا إلى جنوبها وعبر البلطيق إلى ألمانيا

٦- طرق التجارة البحرية والمضايق يمكن حمايتها بالسفن الحربية وحاملات الطائرات

٧- لا يوجد خطر مؤكد على إسرائيل لا من العرب ولا إيران

٨- الحزبان الأمريكيان- الديموقراطي والجمهوري- لا مانع عندهما من توسع إيران على حساب العرب إذا تمكنوا من مبادلة هذا التوسع بما يسمونه "تأمين المصالح الغربية" و "تحقيق الإستقرار".
وهذان المطلبان الأمريكيان- المصالح الغربية والإستقرار- مطاطان للغاية، ويمكن لإيران شدَّهما لآخر درجة للحصول على كل ما يمكن بلعه ويمكن لأمريكا أن تُرَخِّيهما إلى آخر درجه لتتخلص من وجع الدماغ وتتفرغ لأشياء أخرى.

 **
ثالثا: أمريكا ترامب
**

ترامب، قد يغير سياسة أمريكا في تغريدة على التويتر قبل الفجر، وهو مازال في الحمام.

ترامب، حالة خاصة ولا يمكن التنبؤ بما سيفعله ولا التخطيط لأي عمل يستمر لعدة شهور بناء على فهم للسياسة الأمريكية.

لا أحد يفهم ما هي السياسة الأمريكية الحالية تجاه أي شيئ.

وكل إتجاهات السياسة الأمريكية الحالية ستتغير إذا ما فاز المرشح الديموقراطي جو بايدن أو حتى إذا ما حافظ الرئيس دونالد ترامب على رئاسته.

لكن يمكننا الإمساك بالنقاط التالية من عهد ترامب:

١- سياسة "الضغط الأقصى"

منع إيران من بيع نفطها ومنع كل دول العالم من التعامل معها، فعزلها وأفقدها دخلا هائلا.
لم تتأثر حياة الملالي في إيران ولا ثراء قادة الحرس الثوري من الحصار والعقوبات الأمريكية.
إيران، حولت الغرامة والمعاناة إلى ظهر الشعب الإيراني.

٢- ترامب، يأمل بأن تتحول معاناة الشعب الإيراني إلى ثورة تكتسح النظام الإيراني وتزيله.

٣- النظام الإيراني الحاكم، مستعد لقتل عشرة مليون إيراني بواسطة البيسيج والحرس الثوري الإيراني في سبيل البقاء.

وهي نفس العقلية والتفكير والتركيبة المزاجية للحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق ونظام الأسد في سوريا وحزب الله في لبنان.

والنظام الإيراني، ينتظر زوال عهد ترامب ليتشفى به أولا وللخلاص من سياسة الضغط الأقصى.

٣- فشل تكوين تحالف خليجي ضد إيران

أمريكا، حاولت أن تفهم ماذا يحدث بين قطر والدول العربية ولم تستطع أن تستوعب هؤلاء العرب.

أمريكا، حاولت أن تتجاهل الخلاف القطري العربي وتجعلهم يعملون مع بعضهم ضد إيران، فلم تنجح مع هؤلاء العرب.

أمريكا، حاولت أن تصلح بين قطر والعرب- لمصلحتها- ولكن لا أحد ينجح بالوساطة بين العرب إذا ما تخاصموا.

أمريكا، صرفت النظر عن التعامل مع العرب كجهة واحدة وتتبنى الآن معنا سياسة "سوقي بقرتك روِّحي" أو "مطرح ما غلَّست باتت" (أي حيثما تأخروا وحل عليهم المساء، باتوا).

لا شيئ محدد تطلبه أمريكا من العرب، الآن.
ولا شيئ محدد تخبئه أمريكا للعرب، الآن.
ولا يهم أمريكا ما سيحدث للعرب، الآن.

٤- بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي

يجهز نفسه لانتخابات الرئاسة الأمريكية في ٢٠٢٤ أو ٢٠٢٨.

يريد أن يعمل تغييرات على الأرض في المواجهة بين أمريكا وإيران، يصعب على الحزب الديموقراطي وجو بايدن أن يتخلوا عنها إذا ما فازوا بعد أربعة شهور في نوفمبر القادم.

أزاح برايان هوك المفوض الأمريكي بشأن إيران وأحل محله إليوت أبرامز المعروف بتشدده تجاه إيران، قبل أمس.

ولا نستطيع أن نتخيل ما الذي سيفعله أليوت برامز المتشدد في أربعة شهور.

**
رابعا: أمريكا بايدن
**

إذا فاز جو بايدن برئاسة أمريكا بعد أربعة شهور، فهذا هو ما ينتظرنا وينتظركم.

١- بايدن، بطيئ وباهت

عندما يجب عليه إتخاذ أي قرار، فإنه يفكر ثم يفكر ثم يقلب الأمر ثم يعود ليفكر.
ثم يستشير الخبراء، ثم يعود ليفكر.
وعندما يتخذ القرار، يكون الناس قد ملوا من متابعة متى سيتخذ القرار ونسوه تماما ولم يعد يشوقهم أو يهمهم الخَيار أو القرار.

هذا ما عمله عندما اتخذ قراره بالترشح للرئاسة.
وهذا ما يعمله الآن، بينما أمريكا كلها تنتظر عملية التفكير عنده التي تشبه الولادة المتعسرة وهو يقرر من سيختار نائبا له في انتخابات نوفمبر.
كثر الله خيره قد قرر أن يكون المرشح لمنصب نائب الرئيس من النساء وأن تكون أفريقية أمريكية، وهذا إنجاز عظيم بمقياس جو بايدن.

وكان باهتا وأداءه سيئا في الجولات الأولى في منافسات المناقشات المتلفزة وفي تصويتات الولايات ويبقى في المركز الثالث أو الرابع.

٢- سياسة بايدن المتوقعة لنا

ولم يحصل على ترشيح الحزب الديموقراطي إلا بفضل تأييد كاسح من الأمريكيين الأفريقيين بسبب ارتدائه لعباءة الرئيس أوباما وإعلان ولاءه لمبادئه وسياساته.

ولكي يحظى بتأييد بيرني ساندرز والجناح اليساري الليبرالي المتشدد، سلمهم حق كتابة مانيفستو سياسة الحزب الديموقراطي في السياسية الداخلية والخارجية.

هؤلاء من سيقرروا سياسية أمريكا تجاه العرب وتجاه إيران، وقد كتبوها وأعلنوها فعلا.

•سيعيدون الإتفاق النووي مع إيران، الذي وقعه أوباما.
•سيفكون الحصار عن إيران وسيزيلون العقوبات.
•سيقفون ضد السعودية والشرعية في حرب اليمن.

**
خامسا: واجب الشرعية والسعودية 
**

يصر الأصدقاء- عند نهاية أي تحليل- أن يسألوا: "ما العمل؟"

١- يجب أن تتيقن رئاسة الشرعية اليمنية وقيادة المملكة السعودية بأنهما لن تنتصرا إلا إذا حازتا على ثقة واحترام وتأييد الشعب اليمني.
وهذا مفقود الآن.

الشعب اليمني، هو من سيحرر اليمن ويعطينا النصر، ويجب حيازة ثقته واحترامه.

٢- كسب عقول وقلوب اليمنيين

هذا أمر سهل، وهو بيد السعودية ويمكن عمله في يوم واحد مع الإخراج الدعائي اللازم.

•خلصونا من التباسات سقطرى والمهرة.
•خلصونا من طرد الرئيس من عاصمته.
•خلصونا من إنشاء جيوش ضد الشرعية في الساحل الغربي والمخاء والحجرية والضالع ولحج وعدن.
•خلصونا من خوفنا من احتمال خسارة مارب واستعيدوا الجوف.
•خلصونا من سخافات الأحزاب وتناحرها في تعز
•خلصونا من التباسات: هل الجيش الوطني، وطني فعلا أم حزبي أم مناطقي أم شللي أم عائلي؟
•خلصونا من أشياء كثيرة، يمكن حلها باتباع قواعد المهنية والحرفية والمساءلة والمحاسبة والتدقيق.

٣- إذا حازت الشرعية اليمنية والمملكة السعودية على ثقة واحترام وعقول وقلوب اليمنيين، فسيأتي النصر ولن تصمد أمامنا مخططات إيران ولا تشنجات الحوثيين وخزعبلاتهم.

ولن نتأثر بالخلافات العربية أو التدخلات الإقليمية أو التغيرات في السياسة الأمريكية.

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان