بعد اغتيال محسن زادة .. هل سترد إيران من اليمن؟!
الساعة 11:20 صباحاً


في 1 يوليو/ تموز الماضي، استهدفت مجموعة مجهولة تُدعى "نمور الوطن" المُنشأة النووية الإيرانية (نطنز) في أصفهان، بعمل تخريبي، وحينها أقرّت إيران، عبر وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) بـ"أن الحريق الذي نشب في نطنز وقع نتيجة عمل تخريبي من قبل دول معادية، خاصة النظام الصهيوني والولايات المتحدة"، ذلك الاستهداف جاء ضمن سلسلة من الحوادث، التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، وشكّلت اختراقاً أمنياً كبيراً للأمن الإيراني، وإحراجاً كبيراً للنظام الإيراني، الذي لم يرد بشكل قوي -رغم تعهّد المسؤولين الإيرانيين حينها بالرّد على تلك الهجمات- ولم يُسجل من حينها استهداف إيراني لأي مواقع أو مصالح إسرائيلية أو أمريكية في المنطقة. 
وفي 27 نوفمبر /تشرين الثاني الجاري، اغتال مسلحون في مقاطعة "نهاوند"، قُرب طهران، كبير علماء الذّرة الإيرانيين، محسن فخري زادة، حسبما أكدت وزارة الدّفاع الإيرانية.
إيران، التي اتهمت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بالوقوف خلف اغتيال زادة، توعّدت بـ"ردٍ مزلزل" على اغتيال كبير علماء الذرة النووي وأبو "القنبلة النووية الإيرانية"، كما تعهّد المُرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، بعقوبات رادعة لقتلة العالم الإيراني، فهل سيمضي هذا الوعيد الإيراني كسابقه؟
وإلى أي مدى سترد إيران على هذه الضربة الكبيرة التي تعرّضت لها؟
وهل سترد من أراضيها مباشرة أم عبر حلفائها؟
وما نوع هذا الرد المُحتمل؟
وما هو هدف إسرائيل وواشنطن من هذه الهجمات، التي تستهدف المنشآت والعقول النووية الإيرانية؟
تساؤلات سنجيب عنها في هذا التحليل:

حماية التفوّق "النووي الإسرائيلي"

تسعى إسرائيل وواشنطن، من وراء هذه الهجمات التي تستهدف المنشآت النووية الإيرانية والعلماء العاملين في المجال النووي الإيراني، إلى الحفاظ على تفرّد إسرائيل النووي وتفوّقها في الشرق الأوسط، ولذا لن تسمح إسرائيل لإيران أو أي دولة في المنطقة بالوصول إلى صناعة قنبلة نووية، وستسعى بكل السّبل والوسائل لإجهاض المشروع النووي الإيراني، باستهداف المفاعلات النووية والعلماء العاملين فيها، وآخرهم محسن فخري زادة، إذ أن هذا الاغتيال ما هو إلا حلقة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ضمن سلسلة الاغتيالات التي نفذها "الموساد" الإسرائيلي بحق العلماء العرب والإيرانيين. فإسرائيل ترى في أي عالم عربي أو إيراني في المجال النووي تهديداً مباشراً لأمنها، وتضعه على قوائم التصفية الجسدية للموساد، الذي أغتال العالم المصري يحيى المشدّ في فندق "مريديان باريس"، في 14 يونيو/ حزيران 1980، وبعد عام من اغتيال "المشدّ"، الذي كان يعمل في "المفاعل النووي العراقي"، تحت رعاية شخصية من الرئيس العراقي الراحل، صدّام حسين.

لقد أدرك الإسرائيليون خطورة المشروع، فقصفته الطائرات الإسرائيلية ودمّرته في 7 يونيو/ حزيران1981، وقبل "المشدّ"، تم اغتيال الكثير من العلماء العرب والإيرانيين المتخصصين في المجال النووي.
عقب استهداف منشاة "نطنز" النووية الإيرانية في 1 يوليو /تموز الماضي، أكد خُبراء أن هذا الاستهداف قد أدى إلى عرقلة إيران عن الوصول إلى صناعة القنبلة النووية لفترة تتراوح من 6 أشهر إلى عام، ومع تنصّل الشركاء الأوروبيين في الاتفاق النووي الإيراني عن الوفاء بالتزاماتهم، التي تعهدوا بها لإيران، قامت طهران بتخفيف التزاماتها النووية، للضغط عليهم، فسرّعت من وتيرة تخصيب اليورانيوم وإنتاج الماء الثقيل، ومع رحيل ترامب من الإدارة الأمريكية بعد أقلّ من شهرين من الآن، تسارعت المخاوف لدى إسرائيل من وصول إيران إلى إنتاج قنبلة نووية وإنهاء تفوّقها في المجال النووي في المنطقة، فسعت إلى القيام بهذه الضّربة الكبيرة، لتعطيل أو عرقلة برنامج إيران النووي، عبر استهداف العقول الذي تقوم عليه.

"حدود الرد الإيراني"

عقب اغتيال واشنطن الجنرال الإيراني قاسم سليماني، في 3 يناير/ كانون الثاني الماضي، قصفت إيران من أراضيها قاعدتي "عين الأسد" و"أربيل"، اللتين تستخدمهما القوات الأمريكية في العراق، بأكثر من 12 صاروخاً، ولم يسبب هذا القصف سوى أضرار مادية وارتجاجات للجنود الأمريكيين، إذ رجّح خُبراء أن تكون إيران قد سرّبت عزمها على القيام بهذا القصف للأمريكيين عبر جهات عراقية، فقامت واشنطن بأخذ احتياطاتها، وردّت ايران بهذا القصف لحفظ ماء وجهها، ولامتصاص الغضب الشعبي الكبير على اغتيال سليماني، وهو رد هزيل جدا وباهت، وبالتأكيد فإن فخري زادة -على أهميته- ليس بمستوى أهمية قاسم سليماني، الذي يعتبر مهندس النفوذ الإيراني في المنطقة، ولذا فإن الرّد على اغتياله سيكون أقل بكثير من الرد على اغتيال سليماني، وفي أقصى الاحتمالات سيكون عبر حلفاء إيران في المنطقة، إذ تفضل إيران الرد عبر الحلفاء، وسيكون الرد الإيراني من اليمن، عبر هجمات صاروخية يطلقها الحوثيون ضد الأراضي والمصالح السعودية، أو من العراق عبر قصف مجموعات مسلحة "موالية لإيران" مصالح أمريكية، أو من لبنان عبر قصف محدود من "حزب الله" مواقع إسرائيلية، وهذا في أقصى الاحتمالات، إن لم ترد إيران عبر هجوم على سفارة إسرائيلية في أي دولة، أو عبر هجمات إلكترونية "سيبرانية" تستهدف مواقع مؤسسات إسرائيلية أو أمريكية، ولن تنجر إيران إلى أكثر من هذا الرد ولن تنجر إلى مواجهة عسكرية بأي حال من الأحوال ، لأنها تدرك أن إسرائيل والإدارة الأمريكية تريدان جرها إلى فخ تصعيد كبير ، ليتم ضربها بقوّة وان ‏‎إسرائيل تستغل الفترة المتبقية لترامب في الإدارة الأمريكية لتوجيه ضربات مكثفة لإيران لضرب قدراتها العسكرية وعرقلة وصولها لصناعة قنبلة نووية ولذا سنشهد في الأيام القادمة المزيد من الضربات لإيران وهو ما سيشكل احراجا كبيرا للنظام الإيراني اذا لم يرد بشكل قوي على هذه الضربات لكن النظام سيحاول امتصاق هذه الضربات ، خصوصا مع تحذير ترامب لإيران من عواقب استهداف المصالح الأمريكية في المنطقة عقب اغتيال زادة، وإرسال البنتاغون "قاذفة B- 52"، الاستراتيجية بعيدة المدى إلى المنطقة، كمؤشر كبير على نيّة إدارة ترامب توجيه ضربة عسكرية محددة للمفاعلات النووية الإيرانية، ليحمي تفرّد إسرائيل كقوة نووية في المنطقة، ويقدّمها كهدية أخيرة لحلفائه في المنطقة، ويفخخ بها الملف الإيراني لدى إدارة "بايدن".

عن موقع قناة بلقيس

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان