بعد تصريحات فايرستاين.. هل فعلا سيتخلى الحوثيون عن إيران؟
الساعة 07:40 مساءً


في 1 يناير /كانون الثاني الجاري، قال السفير الأمريكي الأسبق لدى اليمن (جيرالد فايرستاين) إن جماعة الحوثي ستتخلى عن حليفها الإيراني، وستتفق مع السعودية في ظل الظروف المناسبة، وأشار فايرستاين، الذي يقود مبادرة "تيسير السلام في اليمن" داخل أروقة وزارة الدفاع الأمريكية بواشنطن، إلى وجود إمكانية لالتقاء مصالح السعودية مع الحوثيين، مؤكدا أن الأمر وارد جدا بالنسبة للرياض.
فايرستاين أوضح في حوار مع مركز "صنعاء للدراسات الاستراتيجية" أن السعوديين سيشعرون بالراحة أكثر حين يكون لديهم أصدقاء في صنعاء، بينما سيحصل الحوثيون على ما يحتاجونه.

فايرستاين الدبلوماسي الأمريكي، الذي تربطه علاقات جيدة بالحوثيين، والذي رفض أثناء عمله سفيرا للولايات المتحدة لدى اليمن (2010 ــ 2014) تصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية"، أكد أن الجماعة المسلحة لم تسبب أي ضرر لأمريكا رغم شعارها المعادي لأميركا، والذي وصفه حينها بأنه "كلامٌ في الهواء"، هذا الحديث يكشف عن تواصل المفاوضات بين السعودية وجماعة الحوثي، ووصولها إلى مراحل متقدمة مع اقتراب تولي الرئيس الأمريكي المنتخب (جو بايدن) للرئاسة رسميا في 20 يناير /كانون الثاني الجاري، وهو ما يطرح تساؤلات كثيرة أبرزها: هل فعلا سيتخلى الحوثيون عن إيران؟
وهل فعلا تريد السعودية من الحوثيين التخلي عن إيران؟
وماذا تريد السعودية من الحوثيين؟ ..في هذا التحليل إجابات لكل هذه التساؤلات:

هل سيتخلى الحوثيون عن إيران؟

تؤكد كافة المؤشرات على أن تخلي جماعة الحوثي عن إيران هو طرح غير واقعي لارتباط الجماعة القوي بإيران، والتي هي الداعم الأبرز لها، منذ أوائل نشأتها، إعلاميا وماديا وعسكريا، إضافة إلى حرص إيران على توطيد العلاقة بجماعة الحوثي، التي باتت تحظى بمكانة كبيرة في خارطة النفوذ الإيراني في المنطقة، وباهتمام كبير لدى صانع القرار الإيراني، خصوصا وأن جماعة الحوثي حليفة إيران قادرة على القيام بدور كبير في صراع إيران مع السعودية، حيث تسببت مؤخرا بخسائر كبيرة للمملكة في قطاع صناعة النفط. ونظرا لموقع اليمن الاستراتيجي، فالحوثيون قادرون أيضا على عرقلة الملاحة الدولية في البحر الأحمر، ولذا حرصت إيران على تعزيز صلتها بالحوثيين، وإيصال سفيرها إلى صنعاء (حسن ايرلو) في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وبطريقة غامضة، ليقوم بعملية مأسسة العلاقة بين إيران وحلفائها في اليمن، وقد نشط أيرلو مؤخرا في صنعاء، وظهرت بصمات نشاطه في مجالات عديدة، وصار في مقدمة الحضور في كثير من الأنشطة الرسمية، والفعاليات التي تقيمها الجماعة.

وفيما يبدو كردٍ عملي على تصريحات فايرستاين أن جماعة الحوثي ستتخلى عن إيران وستوطد علاقتها مع السعودية مستقبلا، أقامت جماعة الحوثي، في صنعاء بتاريخ 2 يناير/ كانون الثاني الجاري، فعالية رسمية لإحياء الذكرى الأولى لاغتيال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني (الجنرال قاسم سليماني) ورفيقه أبو مهدي المهندس، وبحضور رئيس حكومة صنعاء غير المعترف بها (عبد العزيز بن حبتور)، وقيادات من الجماعة، وبحضور السفير الإيراني (حسن أيرلو).
الحوثيون ورقة هامة لإيران ومكسب كبير لها على خارطة نفوذها وتحالفاتها الإقليمية، وإيران بالنسبة للحوثيين داعم أساسي وحليف استراتيجي يقود "محور المقاومة" في المنطقة، وهم جزء منها، ولذا فإن العلاقة ستتوطد في المستقبل، ولن يتخلى الحوثيون عن إيران، ولن تتخلى إيران عنهم.

مطالب السعودية من الحوثيين 

تدرك قيادة السعودية أن إدارة بايدن، التي ستتسلم مهامها رسميا في 20 يناير /كانون الثاني الجاري، ستدفع باتجاه إيقاف الحرب في اليمن، وستضغط باتجاه تسوية مع الحوثيين، ولذا تسعى السعودية لإنجاز تسوية مع الحوثيين تضمن تأمين حدودها الجنوبية، وإقامة منطقة عازلة على طول الحدود السعودية اليمنية، وانسحاب الحوثيين من مناطق الحدود، ولا تريد السعودية من الحوثيين قطع صلتهم بإيران، فهي تدرك عدم واقعية هذا الطلب، وكل ما تريده هو أن يكون لدى الجماعة نوعا من الولاء للسعودية، والرجوع إليها، وبضعة تصريحات إعلامية تشيد بها، وبالمصالحة معها، لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن، لكي تحفظ القيادة السعودية ماء وجهها في الداخل والإقليم، وتسوّق لجمهورها بأنها قد نجحت في حربها باليمن، وأجبرت الحوثيين على إنهاء تحالفهم مع إيران، وأعادتهم إلى المحيط العربي.

هل سيحصل الحوثيون على مطالبهم؟ 

الحوثيون من جهتهم يدركون أن الظروف والمستجدات الإقليمية والدولية، وتسلم إدارة بايدن مهامها، سوف تخدمهم، فعودة واشنطن المرتقبة إلى الاتفاق النووي، ورفع العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، وكذلك الضغوط الأمريكية على السعودية لإيقاف الحرب في اليمن، كل هذه التطورات المستقبلية سوف تقوّي من جانبهم، ولذا يستميتون على الأرض للسيطرة على مأرب، ويرفعون سقف مطالبهم في مفاوضاتهم المستمرة مع السعودية، وهو ما ترفضه السعودية حتى الآن، حيث أظهرت الوثيقة الصادرة عن الحوثيين في 9 أبريل /نيسان 2020، والمعنونة ب"مقترح الحل الشامل لإنهاء الحرب والحصار على الجمهورية اليمنية"، مطالب كبيرة للحوثيين من السعودية، منها: التزام دول التحالف بمعالجة الآثار المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بالمواطن اليمني، وجبر الضرر، ودعم الاقتصاد، ومعالجة وتعويض الجرحى والمعاقين والمرضى وأسر الشهداء، وفتح اعتمادٍ مستندي خاصٍ بصرف المرتبات لمدة عشر سنوات قادمة، حتى يتعافى الاقتصاد اليمني. 

وبالتأكيد، فإن هذه التكاليف المطلوبة من السعودية ستكون مئات المليارات التي يشترطون أن تكون تحت إشرافهم، وتحت تصرفهم، إذ من المؤكد أن ثمن ولاء جماعة الحوثي للسعودية سيكون كبيرا، لكن السؤال: هل ستحصل الجماعة على مطالبها كاملة دون تنازلات، كما أكد السفير الأمريكي السابق (فايرستاين)، حينما أكد في حديثه، في 1 يناير /كانون الثاني الجاري: "السعوديون سيكون لديهم أصدقاء في صنعاء، والحوثيون سيحصلون على ما يحتاجونه"؟!

عن موقع قناة بلقيس

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان