هل تنجو السعودية من سياسات اللجنة الخاصة؟
الساعة 09:43 صباحاً

مع تعدد الفاعلين وتباين الأجندات وتعدد السيناريوهات ، اتجه العالم إلى تأسيس مراكز متخصصة بدراسة التطورات والأزمات الدولية ، فلجأ إلى مراكز الدراسات والأبحاث التي تقدم بدائل من السياسات لصانع القرار ، بينما ظلت المملكة العربية السعودية تعتمد على اللجنة الخاصة في تقييم علاقاتها بالدول ، ولأن مراكز الدراسات والأبحاث تساعد في صناعة القرار وترشيده والتعامل مع منظومة الدول ، فإن اللجنة الخاصة ترتبط بأشخاص وتبني سياسة البلد على هؤلاء الأشخاص كما حاصل في تاريخ العلاقات السعودية الأمريكية حيث اعتمدت على شخص الرئيس وليس على الإدارة الأمريكية ، وكما هو حاصل في أزمة اليمن حيث ظل القرار السياسي مرتبط بأشخاص ، ولهذا أخفقت المملكة في مواجهة انقلاب الحوثي على الشرعية لتجد نفسها أمام انقلاب أمريكي عليها .

حينما تبنت السعودية المبادرة الأمريكية للتسوية في اليمن ، كانت تريد الهروب من الهزيمة التي ألحقتها بنفسها وليس الحوثي ، ولو أنها تركت الأمريكان يقدمون مبادرتهم بأنفسهم لرفضها الحوثيون لأنهم لا يستطيعون الموافقة عليها ليس لأنهم أقوياء ، بل لأنهم قد سوقوا أنفسهم كمواجهين للاستكبار الأمريكي وستكون استجابتهم بطيئة لأنهم سيحاولون تصوير أمريكا بأنها هزمت وأن هذه الهزيمة ناتجة عن صمودهم ووقوف الله معهم ، وفي هذه الحالة سيضعون إدارة بايدن الداعمة لهم في حرج كبير .

 

ولو أن السعودية تعتمد على مراكز لإنتاج السياسة وليس على اللجنة الخاصة وعلى سفيرها محمد آل جابر لأدركت أن هذه التسوية تواجهها عقبات كثيرة ، ليس فقط المشروع الحوثي القائم على ولاية الفقيه ، بل أيضا خارطة المليشيات الممتدة والمتداخلة ، ونتيجة لهذا القصور في الفهم السياسي والاستراتيجي تبنت السعودية المبادرة الأمريكية من أجل لا شيء ، ولو انطلقت من بعد سياسي لسألت نفسها ، كيف تبحث عن السلام مع الحوثي ، فيما هي لم تستطع إنجازه بالحرب ؟

 

ولست بحاجة إلى القول إن الاعتماد على اللجنة الخاصة في صناعة القرار قد خلق قطيعة بين قرار اتخاذ الحرب وقرار إنهائها ، فلو أن القائمين على اللجنة الخاصة يشتغلون سياسة لربطوا بين تسليم الولايات المتحدة الأمريكية ملف اليمن للسعودية تعويضا عن الصفقة النووية مع إيران وسحب الملف من يدها اليوم من أجل استكمال الصفقة النووية مع إيران أيضا، ففي كلتا الحالتين كانت السعودية جسر عبور للعلاقات الأمريكية الإيرانية .

 

لو أن اللجنة الخاصة تشتغل بالسياسة والاستراتيجيات لأدركت أن الغرب بمجمله ليس ضد إيران ، ولو كان ضدها لعاقبها على دعمها لحزب الله في لبنان وتزويده بالأسلحة والمال ، أو ما فعلته في العراق أو تدخلها في سوريا وما تفعله في اليمن والبحرين فضلا عن أعمالها الإرهابية في العالم ، وهل أدركت أن الطيران الأمريكي لاحق أفرادا في مأرب والبيضاء وأبين وحضرموت بحجة أنهم ينتمون إلى تنظيمات إرهابية ولم تتحرك أمريكا ضد عصابة الحوثي الإرهابية ، بل أسقطتها من قائمة الإرهاب ، وهي التي تمس مصالح أمريكا وترفع شعار الموت لأمريكا ؟

 

بسبب سياسة اللجنة الخاصة الخاطئة توحدت سياسة السعودية مع السياسة الإيرانية من حيث إنفصال الجنوب ، فقد ولد الانتقالي في الضاحية الجنوبية بدعم من إيران وتمكين من السعودية وإضفاء المشروعية عليه ، فسياسة اللجنة الخاصة تمكن إيران من اليمن وتتصرف كمن يطلق النار على قدميه ، ونتيجة لذلك ستعود السعودية من اليمن بخفي الهزيمة .

 

طالما واللجنة الخاصة هي التي تنتج السياسات فلا غرابة أن تتكرر الأخطاء ، فمثلما سلمت السعودية العراق لإيران ، فإنها تكرر ذلك في اليمن ، إيران تزود الحوثيين بالسلاح والسعودية تمنع الجيش الوطني من التسليح ، وإيران تنشئ الأحزاب الموالية لها في اليمن والسعودية تفكك الأحزاب القائمة ، إيران استخدمت الإعلام وأنشأت القنوات والصحف والمواقع الإلكترونية ، بينما السعودية راكمت أرصدة سفيرها في اليمن وبعض أعضاء اللجنة الخاصة في استثمار مراكز ومواقع إعلامية وهمية أو شكلية ، ولو أن هناك خبراء لإنتاج السياسة في السعودية لقالوا إن على السعودية تدريب الجيش الوطني وتسليحه وتوحيد الشرعية ومنع أي سلاح خارج الجيش الوطني ، وحينها فقط ستعود الشرعية وتعود الدولة ، وتخرج السعودية من هذه الحرب بكامل هيبتها .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان