رمضان وعذابات سجون الحوثي
الساعة 04:34 مساءً

رمضان الشهر الفضيل الذي يضيء ويفجر فى الكون واحات وسماوات من الطمأنينة والأمان، يقبل إليك وأنت مكبل بالقيود وقابع خلف قضبان ميليشيا الحوثي، كأنه يمشي على أجسادنا بجنزير دبابة، هو كباقي الشهور الضاربة بأوجاعها، يفرض علينا السجان حياة معيشية شاقة، لا توجد فيه طرق متاحة لك كمختطف، لتغيير الطقوس الروتينية المفروضة. فالأكل فيها هو الأكل ذاته، وعبدالملك يطل عليك محاضرا لساعات طويلة وأنت مجبر على الإستماع والانصات، وليس هناك فرصة للمعدة لتتجشأ حاجة جديدة غير مزيدا من المعاناة وشظف العيش.

"الزبادي" الذي يصرف من إدارة السجن هو المتغير الأول في معادلة الزمن والذي يكون موزعا لعدد ستة أشخاص، فقط هذا في البدايات الأولى أما باقي الشهر فتتجرع العافية. أما المتغير الثاني هي تلك الوجوه المرافقة للموزع وهو يتنقل بين الزنازين في توزيع الحصص، يشعرنا وكأننا وسط موكب جنائزي، كل واحد منهم يترقب فائضا في العدد لينقض عليه، هذا إن لم يكن قد نهبه مقدما، وترك المختطف تغلي معدته من الجوع.

تخيل أن تعيش كل وقتك من غير ساعة تعرف تميز فيها يومك عن نهارك، ليلك من عصرك، إلا إذا حالفك الحظ وسمعت صوت الأذان من المسجد المجاور للسجن رغم أن أغلب الأوقات يتعطل الصوت!

أنت ممنوع من الصياح إن كنت تريد استفسار المستلم المناوب، لأنك تشكل له إزعاجا، وكلنا يعلم بطبع اليمني حين يكون صائما فكيف لو كان هذا الشخص سجانا ومتحكما بمصيرك ومتاح له كل التصرفات ووسائل العبث فيك.

يسمي الحوثي بعض الزنازن بالدور الثاني من سجن الأمن السياسي (بموفمبيك) دلالة على مافيها من ميزات تجعلك ترى فيها الضوء من بعض الثقوب على الأبواب المعتمة والنوافذ العالية والصغيرة جدا، وميزة أخرى يتفضل عليك بالخروج إلى الشماسي (وهي صالة مفتوحة من أعلى ومسقوفة بالحديد الصلب بشكل مربعات صغيره تدخل منها الشمس) وليس هناك جدولا محددا للخروج فيها وإنما عبر مزاجات خاضعة لصبيانية المستلمين المؤدلجين الذين يتراوح أعمارهم مابين 15-20 عاما وهذه كانت عقوبة قاسية وشدية بالنسبة لنا.

6 رمضانات قضيتها مع زملائي خلف جدران الحوثي رمضان، واحد فقط كان لنا فيه زيارات ولقاءات مع أسرنا، أما بقيتها فقد كنا رهن الإخفاء القسري المؤلم.

ست سنوات من النكد والطفش والكبت، سنوات تركت فراغا كبيرا للحوثي لتحويل أجنحة طويلة داخل السجن كمخيمات وتعبئة وإختبار إيمان وقناعات الآخرين إلى أي حد وصلت؟ والتي تستحق معها المزيد من التعذيب والقهر أكثر .

في العام الماضي سجلت مؤسسة الزكاه التابعه للحوثي، قائمة طويلة بأسماء مختطفين وأسرى حالتهم المادية صعبة ومعسرة، وقالوا بأن المبلغ الذي دفعوه هو 12 مليون ريال في سجن الأمن السياسي فقط، صرفوه كدفعتين نصيب كل شخص عشرين ألفا، بشاهدنا ثلاث أوراق بمربعات تلزم السجين بالبصمة، في كل ورقة لايزيد عددها عن 12شخصا،وباقي الفلوس للموكب الكبير المنتظر.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان