غريفيث في وجه حضارة سبأ
الساعة 12:25 مساءً

يسعى مارتن غريفث إلى لعب دور الفأر الذي تقول الروايات في الكثير من المراجع التاريخية إنه تسبب في هدم سد مارب قديماً، ما ترتّبت عليه هجرة الكثير من القبائل اليمنية حينئذ. فالرجل يريد اليوم إسقاط المدينة و إجبار اليمنيين على القبول بأحد أمرين: إما أن يخضعوا لما أُطلِق عليه "سلطة الأمر الواقع"، التي يساندها هو، و إما أن يتركوا المدينة ويهاجروا كما هاجر أسلافهم، لتصبح مأرب واليمن غنيمة ووكرا من أوكار الرجعية والتخلف والتعصب وتصدير الفوضى. 

في حين تقوم قوات الشرعية، ومعها جموع القبائل، حتى هذه اللحظة بتسطير ملاحم بطولية في الدفاع عن مأرب وسدّها، ويبعثون لكل من يقف ضدهم رسالة مفادها أنهم سيفشلون في إسقاط المدينة، وأن الطريقه التي تم اتّباعها في "نهم" و"الجوف" لن تجدي نفعاً. وانه لا يمكن شراء الولاءات الجمهورية كما حصل من شراء لذمم بعض الشخصيات المؤثرة في نهم والجوف. ومهما سعى الماكر غريفيث إلى بعث "التطمينات" إلى الجميع، في الداخل والخارج، بأن العواقب لن تكون وخيمة في حال سقطت مأرب، فإنه سيفشل، لأن مأرب لن تسقط.

فعلى الشرعية أخذ العبرة مما جرى من قبل في الحديدة.. وهذا سيجعل دور غريفيث ثانوياً في هذه المعركة تحديداً. وإذا كان قد نجح سابقا في جرّ جميع الأطراف إلى مفاوضات السويد الكارثية قبل سقوط الحديدة بلحظات، فإنه لن ينجح في إيقاف المد الجمهوري الهائل الذي يذود عن المدينة بقوة هذه المرة.

ولن يتكرر ما حدث في مفاوضات السويد، التي أعقبها تدهور للأوضاع، في الشمال كما في الجنوب، وجر العملية السياسية في اليمن إلى اسوأ السيناريوهات. وليت مخرجات تلك المفاوضات أعادت الجميع إلى مربع البداية وحسب، بل فاقم معاناةَ الشعب اليمني، بكافة مكوناته وأطيافه، وزاد الوضع تعقيداً، على صعيد اليمن وفي المنطقة بأسرها.

‏على الشرعية الصمود الوقت الراهن، وان تعمل جاهدة من أجل الحفاظ على ما تبقى من كرامة هذا الشعب، لأنها الصخرة التي تتحطم عليها آمال الطامعين في عودة الإمامة.. فليرحل كل من يحاول فرض أية شروط بالقوة غيرَ مأسوف عليه، لأن مشروع اليمن الاِتحادي لا حياد عنه، وحلم اليمنيين بالدولة المدنية يجب أن يصبح واقعاً ملموساً على الأرض.. أما من يطلق عليهم المجتمع الدولي "سلطة الأمر الواقع" فإنهم ليسوا سوى عصابة يراد بها الفتك بهذا الشعب وابتزاز جميع دول المنطقة، سياسياً و اقتصادياً...

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان