ألغام جريفثس الأخيرة !
الساعة 10:42 مساءً

  و على طريقة : للعلم و الإحاطة، قدم المبعوث الأممي إلى اليمن مارت جريفثس إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن، و لم يوفق - و لو بالحد الأدنى - في أن تكون إحاطة الوداع، تحمل شيئا من إبراء الذمة، بل - و على العكس من ذلك - فخخ إحاطته برسائل ملغومة؛ شأنه في ذلك شأن ممارسات الحوثي في تلغيم الأحياء السكنية و الطرق العامة .

 

   منذ الوهلة الأولى في إحاطته تباكى كعادته عن الوضع الإنساني، واصفا إياه بأنه أسوأ أزمة إنسانية صنعها الانسان !

   سنتفق معه في الوصف؛ و لكن هل بمقدوره أن يحدد صراحة من هو الإنسان الذي صنع هذا الوضع؟ و ما مقدار نصيب المجتمع الدولي من صنع هذه الأزمة بتغاضيه، أو صمته، أو تشجيعه لعصابة عسكرية تمردت على نظام  شرعي ديمقراطي !؟

   و لا نطمح من سيادته أن يقول و لو كلمة حق واحدة ينصف فيها الشعب اليمني من الحوثي.

 

   لم ينس السيد جريفثس أن يبرر لفشله الذريع في مهمته، بل مضى يزعم أن ( أصحاب السلطة فوتوا الفرص التي عرضت عليهم) و هو في ذلك يضع الحكومة الشرعية و العصابة المتمردة التي رفضت استقباله مرارا، و تخلفت عن التزامات كانت التزمت بها له،  ثم تنكرت كلقاء كان مقررا أن يتم في النمسا، ثم امتنعوا عن الحضور في إهانة تقاسمها مع الأمم المتحدة.

 

   و من ألغام المبعوث في إحاطته الاخيرة أنه - كما قال - اجتمع بالحوثي عبد الملك، و أنه كان اجتماعا (مفيدا)،  و أين هذه النتائج المفيدة؟ أم أنه أراد تحسين صورة الجماعة الإرهابية؟

 

   منذ أكثر من ست سنوات لم يتحدث بجملة مفيدة عن حصار تعز، فيما راح يتحدث عن إغلاق مطار صنعاء بعبارة ذات صياغة واضحة، بأنه ( لا يجد مسوغا لذلك ) !

  حسنا أيها المندوب الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن ! فما هي مسوغات حصار تعز الذي أدرت ظهرك له، و صمت عن الحديث عنه صمت الجدار  !؟

   ما هي مسوغات إحراق الأطفال و المدنيين مثل الطفلة ( ليان ) و أبيها بالصواريخ، و ما مسوغات قصف المدن    والأحياء السكنية، و كل ذلك و غيره من جرائم تمارسه الجماعة الحوثية الإرهابية منذ سنين !؟

 

   تأمل في مكر الصياغة التي ينحاز بها مكرا مقصودا للحوثي الإرهابي:(لا يجد مسوغا)!!

   إنها الرسالة المفخخة التي أراد أن يتركها وراءه بعد أن يغادر المكان؛ ليخدم بها الإرهاب الحوثي !؟

 

   كذلك أراد أن يسجل لنفسه نجاحا من خلال أسوأ موقف كان من صنع يديه؛ ألا وهو اتفاق استوكهولم الذي تبعته مسرحية ماكرة أريد عرضها في الحديدة بالتمكين المشرْعًن للحوثي، حيث قيل حينها أنه قد تم إعادة و ترتيب الانتشار  للأمن،  فيما المسرحية تمثلت بتقمص مليشيا الحوثي لزي رجال الأمن، لولا أن الضابط الهولندي - يومها - كشف المسرحية و أفشلها، بعد أن كان المبعوث الأممي رحب بها بهدف تمريرها، و على إثر تلك الفضيحة تم تغيير الضابط الهولندي.

 

   من الألغام التي التي تركها جريفثس وراءه أنه وضع الحكومة الشرعية في خانة واحدة مع الجماعة الإرهابية، مُسمّيا الضحية و الجلاد ( أولئك الذين يعملون  على تمديد وقيادة النزاع) ! هل دور و موقف الحكومة الشرعية في القيام بواجبها للدفاع عن شعبها و وطنها، يمثل لدى مبعوث أممي رسمي، يفترض أنه ينفذ قرارات مجلس الأمن ؛ يعتبر موقفها تمديد النزاع وقيادته!؟

 

   ثم يضع لغما آخر أكثر سوءا و مكرا، عندما يحرض المجتمع الدولي بدهاء يفتقر إلى الروح الانسانية،  حين يهدف إلى إلغاء دور الحكومة الشرعية، و دغدغة مشاعر الشباب و النساء والقادة المحليين أبطال السلام و الشركاء الأساسيون في رسم خارطة الطريق حسب قوله !

   نحن لا نشك بشباب اليمن و نسائه و القادة المحليين، كما أن هؤلاء لا يرضون لأنفسهم  أن يستدرجهم جريفثس لخدمة الحوثي بهذا الاسلوب الذي يحمل في طياته غدرا و مكرا ، خاصة و أن الشباب و النساء و القادة المحليين في مناطق سيطرة الحوثي تحت سبطرة و قمع الحوثي، و لا يسمح لهم القيام بأي دور .

 

   و يختم جريفثس إحاطته بما يعتقد أنها ستكون ضربة قاضية للشعب اليمني عندما يدعو لإعادة صياغة الأهداف الواقعية لعملية التفاوض، مستهدفا من وراء ذلك المرجعيات الثلاث و تقليص و تحجيم حضور الشرعية في أي مفاوضات قادمة.

 

   إنها إحاطة تتباكى عما أسماه:  أسوأ أزمة إنسانية ، فيما صاحبها في الحقيقة مستمر في تأجيج وإطالة مدى الأزمة الإنسانية ضد اليمن و اليمنيين بهدف تركيعهم لتسوية تضر البلاد و لا تنفع .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان