بالرغم من مضي عدة سنوات على الأزمة اليمنية الناجمة عن الانقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن السعيد والاستيلاء على العاصمة صنعاء وعلى جزء كبير من المحافظات اليمنية بقوة السلاح، وبالرغم من ذلك فإن هذه الأزمة لا يبدو أنها في طريقها إلى الحل بالرغم من الجهود التي بذلت على المستويين الإقليمي والدولي لحل هذه الأزمة بالطرق السلمية.
هذه الأزمة اليمنية المستفحلة أخذت بعدا تصاعديا وباتت تؤثر بشكل سلبي على الإقليم ما أدى إلى تدخل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية مع الشرعية الحكومية اليمنية من أجل دعمها للحفاظ على سلطتها الرسمية الشرعية, منذ ذلك الوقت وإلى اليوم وبالرغم من مرور أكثر من ست سنوات فإن الحوثيين مستمرون في شن الحرب التي يهدفون من ورائها الى إسقاط الحكومة الشرعية والسيطرة على كافة الأراضي اليمنية بما في ذلك الموانئ البحرية لإحكام سيطرتهم على كافة الجوانب الأمنية والاقتصادية والمعيشية.
الحوثيون الذين سيطروا على صنعاء وعلى عدة محافظات يمنية وعلى ميناء الحديدة وعلى العديد من المراكز الاستراتيجية تمكنوا من ذلك بفضل الدعم الإيراني المباشر سواء بتوفير الأسلحة وخاصة الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة بدون طيار أو من خلال توفير المدربين والمستشارين العسكريين الذين يخططون للمعارك ويديرون المليشيات الحوثية, وبذلك دخلت إيران إلى اليمن كلاعب رئيسي بهدف مد جسر لها في هذه المنطقة العربية الحيوية والسيطرة على المنافذ البحرية والضغط على دول الخليج العربية وخاصة المملكة العربية السعودية, ومن هنا جاء تدخل التحالف العربي الذي تقوده السعودية لوضع حد لهذا التوغل الإيراني المعلن والمكشوف والصريح وعرقلته حتى لا يؤثر على أمن المنطقة وربما تكون له عواقب خطيرة على الصعيد العسكري والأمني ولكن وبالرغم من كل الجهود العسكرية الكبيرة التي يقودها التحالف العربي وبالرغم من المواد المعيشية التي وفرتها المملكة العربية السعودية لأبناء اليمن الشقيق للتخفيف من معاناتهم المعيشية والإنسانية فإن المليشيات الحوثية لا يبدو أنها معنية بذلك وان كل ما يهمها هو بسط نفوذها على كافة الأراضي اليمنية وإسقاط الشرعية اليمنية والاستيلاء على السلطة كاملة ليتحول اليمن في ظل حكمهم إلى قاعدة معادية للمملكة العربية السعودية خاصة ودول الخليج عامة.
وبالرغم من تعدد المبعوثين الدوليين الذين أرسلوا إلى اليمن من أجل إيجاد حل سلمي فإنهم لم يتمكنوا خلال أكثر من ست سنوات متواصلة من اقناع المليشيات الحوثية بالجلوس إلى طاولة المفاوضات والحوار وإيقاف العمليات الحربية والجلوس مع الفرقاء اليمنيين للاتفاق على إدارة هذا البلد على أسس وطنية. فقد فشل هؤلاء المبعوثون الدوليون في مهمتهم وجميعهم قد سجلوا الخلاصة التالية في تقاريرهم: «الحوثيون لا يريدون السلام بل يريدون مواصلة الحرب للسيطرة على اليمن بأكمله».
كما إن المملكة العربية السعودية قد حاولت أكثر من مرة المساعدة على إيجاد حلول سياسية سلمية تعيد لليمن وحدته واستقرار اليمنيين وتمكينهم من إدارة بلدهم بالشراكة الوطنية بعيدا عن النزعات الطائفية والقبلية والعشائرية, وكانت آخر مبادرة للسلام أطلقتها السعودية قبل أشهر تدعو إلى حوار وطني بعد وقف إطلاق النار والجلوس إلى طاولة المفاوضات من اجل إدارة مشتركة لليمن, ولكن الحوثيين صمموا على رفض هذه المبادرة بل والأخطر من ذلك انهم رفضوا وقف إطلاق النار تماما لأنهم يشعرون بأنهم في حالة اندفاع عسكري وبإمكانهم السيطرة على المزيد من الأراضي ويطالبون بالعكس من ذلك رفع الحصار وفتح المطارات والموانئ قبل أي مفاوضات وقبل أي حوار مما سيؤدي بالضرورة إلى المزيد من تدفق الأسلحة لهم من إيران وإلى مزيد من احتلال الأراضي التي تجعلهم أكثر غرورا وأكثر عنادا وأكثر عدوانية خاصة بعدما أصبحوا يهددون المدن السعودية منذ أكثر من سنتين من خلال إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة بدون طيار لضرب بعض الأماكن والمدن السعودية.
إن الوضع اليمني معقد أكثر مما يتوقع وهذه التعقيدات ذات طابع قبلي ومناطقي وإقليمي مما يجعل الحل في المستقبل المنظور شبه مستحيل أو مستعص وخاصة إنه لا توجد إرادة دولية حقيقية لحل هذه الأزمة وذلك لاستنزاف المنطقة كلها وإرهاقها, فلو كانت هنالك إرادة دولية حقيقية لحل هذه الأزمة لكان بالإمكان إنهاء هذه الحرب في عدة أيام بقرارات دولية حاسمة وإجبار القوى اليمنية المختلفة على الجلوس إلى طاولة المفاوضات بنفس الطريقة التي تم بها حل الأزمة الليبية ولكن هل ذلك لأن اليمن لا يحظى بتلك الأهمية التي حظيت بها ليبيا على سبيل المثال؟!
الأكثر قراءةً
الأكثر تعليقاً
-
سائق ينجو من الموت بأعجوبة بعد غارة أمريكية على طريق صنعاء-الحديدة!
-
"موجة بيع غير مسبوقة للعقارات في صنعاء.. هل هي مؤشر لانهيار وشيك؟"
-
"اليمن يفتح أبوابه للعالم: مطار دولي جديد يدخل الخدمة بعد عقد من التوقف"
-
"أطراف خفية تعرقل تحرير الحديدة بإشعال الفتن في الجنوب.. من المستفيد؟"
-
مراسل ل "ترامب": هل صحيح أنكم تراجعتم عن خطة إسرائيلية لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية؟.. شاهد رد الرئيس الأمريكي
-
مغتربون في ورطة.. هل يمكن لحاملي الجوازات السعودية العودة بعد السفر؟
-
"توجيهات تربك سوق الوقود في صنعاء.. والمواطنون في حالة ترقب"