هل يمكن حصول اليمن على وديعة مالية؟
الساعة 03:30 مساءً

دعا وزير الخارجية اليمنية والمغتربين الدكتور احمد عوض بن مبارك ( Ahmed Awad Bin Mubarak ) في اجتماعات الدورة الـ 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة المجتمع الدولي إلى تقديم وديعة مالية للبنك المركزي اليمني لوقف انهيار العملة الوطنية.

ربما يكون الوزير الوحيد في حكومة الشرعية الذي تربطني به علاقة عمل اثناء ترأسه سابقاً لمركز ادارة الأعمال في كلية التجارة والاقتصاد جامعة صنعاء، حيث كنت حينها المراجع الخارجي للمركز، أثق بكفاءته ونزاهته، فهو قيادي وإداري ناجح اثبت ذلك من خلال الوظائف والمهام التي اوكلت اليه سواء في المركز او كرجل دولة بعد تعيينه مديراً لمكتب الرئيس عبد ربه واسهاماته البارزة في مؤتمر الحوار الوطني عندما عُين امين العام للمؤتمر، وصولاً الى تعيينه سفير اليمن في واشنطن ثم مندوب اليمن لدى الامم المتحدة واخيراً وزير الخارجية والمغتربين.

وهنا اوضح لمعالي الوزير وايضاً المهتمين بالشأن الاقتصادي، ان هذه الدعوة يمكن ان توجه لدول التحالف وعلى رأسها المملكة العربية السعودية باعتبارها شريك سياسي وعسكري في معركة اليمنيين ضد الانقلاب الحوثي، ودولة عربية جارة يمكنها ان تتجاوز مسألة تقييم الجدارة الائتمانية لليمن بل يقتضي الواجب الاخوي والعروبي التدخل من اجل انقاذ ملايين اليمنيين من مجاعة محققة.

أما بقية الدول والمنظمات الدولية المانحة، لكي تضمن حقوقها المالية، فإن اول اجراء يقومون به لكي يقرروا المنح من عدمه هو  تقييم الجدارة الائتمانية للدولة المقترضة للتأكد من مدى قدرتها على الوفاء وسداد الاقساط في الاوقات المحددة، لذلك وقبل الموافقة على تقديم القرض او الوديعة لليمن يتاكد المانحين من الجدارة الاتمانية لليمن من خلال العديد من المؤشرات اهمها (1) البيئة السياسية، (2) ميزان المدفوعات، (3) مدى سلامة النظام المالي والمصرفي، (4) هيكل الدين الخارجي لليمن - طويل ، قصير، (5) مؤشرات اقتصادية هامة كالناتج المحلي الاجمالي، ومعدل التضخم، ونسبة الدين الحكومي الخارجي الى الناتج المحلي الاجمالي، ونسبة الدين الحكومي الخارجي الى عوائد الصادرات، (6) الاهداف والخطط الاقتصادية العامة للدولة وذلك من خلال البرنامج الاقتصادي للحكومة اليمنية، (7) مؤشرات المالية العامة للدولة وذلك بالنظر الى الموازنة العامة للدولة وحسابها الختامي لعدة سنوات سابقة..... الخ

ان اغلب المؤشرات المطلوبة لمعرفة الجدارة الائتمانية لليمن ستكون سلبية، لعدم وجود استقرار سياسي وانقلاب الحوثي على السلطة وما افرزه من تداعيات اهمها الحرب الدائرة في البلاد، واختلال ميزان المدفوعات (لا توجد اي بيانات فعلية عن الميزان غير اننا يمكن ملاحظة العجز من خلال أثره على سعر صرف العملة المحلية الى العملات الاجنبية والذي تدهور بشكل كبير خصوصا في الفترة الأخيرة)، وصادرات البلاد بالعملة الصعبة شبه متوقفة، وعدم وجود برنامج اقتصادي او موازنة عامة للدولة، كما ان اغلب المؤشرات الاقتصادية غير متوفرة، لكن بمكن استقرائها من خلال التدهور الاقتصادي والمستويات العامة للاسعار من الواقع المعاش.

هذا بالاضافة الى ما انتجه تقرير فريق الخبراء الدوليين التابع للجنة العقوبات من اثار سلبية نتيجة اتهام الحكومة اليمنية وبنكها المركزي باطلاً بغسل اموال وفساد عند استعال الوديعة السعودية كان اهم هذه الأثار فقدان الثقة المالية بالحكومة اليمنية وبنكها المركزي.

لذلك يفترض على الحكومة ان تقوي جدارتها الائتمانية لكسب ثقة المانحيين،  من خلال تفعيل كافة مؤسسات الدولة والبدئ باصلاح اقتصادي شامل، وتفعيل مالية الدولة وضبط ايراداتها ابتداء ثم تنميتها، وتعزيز موارد الدولة المستدامة بالعملة الصعبة، غير ان هذا لن يحدث في ظل الانقسام السياسي الحاصل لدى الحكومة الشرعية وعدم استكمال تنفيذ اتفاق الرياض.

اضف الى ذلك معالجة الاثار الناتجة عن تقرير الخبراء، وفتح نافذة للتواصل مع اللجنة بالتنسيق مع البنك المركزي الذي بذل جهود كبيرة في تقديم الايضاحات اللازمة للفريق والملاحظات الجوهرية على التقرير ومنهجيته، اضف الى ذلك اقالة المسؤلين اليمنيين المتورطين بمد فريق الخبراء بمعلومات وبيانات مضللة من مناصبهم (من لديه منصب) واحالتهم الى التحقيق.

واذا ما تمت الاصلاحات السابقة في منظومة الشرعية، سوف تسهم بشكل كبير في الحد من التدهور الاقتصادي ومنها تدهور قيمة الريال، وربما لسنا بحاجة بعدها الى ودائع او قروض خارجية، وفي حال كانت ضرورية وملحة فإننا نكون قد قطعنا شوطاً في تقوية او رفع الجدارة الائتمانية للبلاد مما يسهِّل حصول اليمن على القروض اللازمة.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان