مواقف مع "ياسر العواضي" رحمه الله
الساعة 06:39 صباحاً

رحل "ياسر العواضي" فجأة ..
غادر من موت محقق في "ديسمبر صنعاء" إلى أهله في آل عواض، وأثار مقتل الشهيدة "جهاد الأصبحي" نخوته، فطرق أبواب غيرة قبائل البيضاء الذين قعد لهم الخوثيون على تفاصيل الخلاف مثل الشيطان، فتوسعوا وأفضوا بالقسوة طريقهم إلى منزله، كان قد غادر قبل الهزيمة بساعات، ومن هناك إلى جبل مراد ثم إلى جمهورية مصر .

جمعتني بالشيخ الراحل مواقف قليلة، تنوعت بين الطرافة والجدية .. أول موقف، وأنا في التاسعة عشر، قاعدًا بمكتب الشاعر العملاق احمد ضيف الله العواضي مدير العلاقات العامة بمجلس النواب، دخل ياسر العواضي ببهاء شاب حصد لتوه مقعدًا في البرلمان، يحفه مرافقيه وثلة من الاصدقاء، استقبله شاعرنا الكبير بترحاب كبير، وتعارفنا، وجُعِل ياسر يقلب بين كفيه تمثالا فضيًا صغيرًا لخيل كثيف الغرة، وكأنه تذكر أمرًا، رفع رأسه باهتمام وسأل عن حصان اكتسبه الوزير الجديد حسين العواضي مشفقًا عليه من عناء تربيته، ثم طلب نقله إلى مزرعته .
ودعى الشقيقين "أحمد وحسين" إلى الغداء، وأشار إليّ بأصبعه، موجهًا كلامه للشاعر العواضي قائلًا: وخذ صاحبك هذا معك، قلت : سام. زوى ياسر ما بين حاجبيه كأنه لم يسمع، وكررت قائلًا: سام، اسمي سام، وتبسم ياسر مضيفًا: ونتمنى ان تحضر معك الاستاذ سام. 
وابتسمت أكثر، لكني اعتذرت ..

طافت الأيام والسنون، حتى وجدتني في سجن الخوثيون، وبعد شهرين في السجن، ومن عنبر القتلة، قرأت تغريدة لياسر العواضي يعلن تبرعه بمليون ريال لـ "انقاذي" من السجن، استخدم هذا المصطلح تحديدًا، وراسلته من فوري غاضبًا، وطالبته بحذفها، قال لي : لا تكابر !، وغضبت أكثر، كتبت إليه في الخاص : أنت تصدق دعاية الخوثيين وتشويههم لسمعتي، لكنك ستدرك يوما أني بريء، فاستجاب ومسح التغريدة

مرت الأسابيع الأخرى ثقيلة، حتى صدر حكم برائتي، وخرجت في لحظة انشغال الخوثيين بعاصفة الحزم، وقبل أن أصل منزلي، كان ياسر العواضي على الخط سعيدًا ومهنئًا، قال: مبروك النصر لك يا بطل، فشكرته، ثم قلت له مازحًا : الآن ممكن ترسل المليون، وسمعته يقهقه طويلًا، وتصنعت الجدية: لا تضحك، الآن وقتها، فرد بتؤودة : والله انك رفعت رؤوسنا وتستاهل .. 
لكنه لم يرسلها ..

قبل ذلك، في أول يوم دخلت إلى مجلس الزعيم الراحل علي عبدالله صالح، كان ياسر العواضي جالسًا إلى جواره، صافحت الزعيم فسأل بصوته الحازم: من ؟ وعرفته باسمي، فأضاف ياسر عني وصفًا جميلًا ومدحًا طيبًا، وأعقب ذلك بدعوتي الجلوس إلى جواره، وسألني الزعيم عن أصل عائلتي، فقلت من الحدا، عزلة الكميم، فهز رأسه متفهمًا : واضاف، أهل الكميم أناس مثقفين ومتعلمين وهم من نفس جغرافيا سنحان، فعلق ياسر ساخرًا بلطف : على أساس ان اهل سنحان مثقفين !، وضربه الزعيم بخفة على كتفه بعصا خيزران، وضحك لتعليقه الطريف .
.. وضحكت أيضًا

(..)
بعد انهيار صنعاء، كنت قاسيًا من بعيد على ياسرالعواضي، فحظرني، وحظرته على تويتر، وتوقف كل ما بيننا من ود، وها هو يغادر إلى بارئه فجأة، مخلفًا حزنًا عميقًا لدى كل من عرفه وأحبه

وما تدري نفس بأي أرض تموت، وفي القاهرة يدفن ياسر العواضي، يلتحق بصاحبيه اللذين أحبهما "علي عبدالله صالح وعارف الزوكا" .. رحمهم الله جميعًا

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان