البنك المركزي وإنقاذ العملة
الساعة 03:03 مساءً

من الغرور التصديق بأن قيادة البنك المركزي الجديدة، قد قامت بهذه النقلة المفاجئة التي أضفت تحسن ولو بسيط في قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأخرى، وذلك في لحظة صدور قرار تعيينها، فمن البديهي أنها لا تملك عصا سحرية، حتى تحدث تلك الطفرة بالمنظور القريب جدا بل اللحظي، ولكن ما حدث، ربما كان نوعا من الدعاية لقيادة البنك الجديدة، ولعل تلك الدعاية قد استلزمت إضفاء نوع من الزخرفة في مظهر ريال الشرعية الباهت والمتهالك، وهنا طرحت مسمى ريال الشرعية، لان الريال اليمني انقسم نصفين وهما ريال الشرعية وريال المحافظات التي تقع تحت سيطرت المليشيات الحوثية، وكلا منهما مختلف عن الآخر بالقيمة وبالشكل وربما الجوهر، وهذه حقيقة لا يمكن التغافل عنها. 

لا غروا في شيوع بهجة في نفوس الناس عند شعورهم بتحسن مفاجئ في العملة التي اختارت طريق الانكسارات منذ سنوات قليلة خلت، لذا علق الناس آمالهم بحدوث تغيير وتحسّن في قيمة الريال بعد صدور  قرار رئيس الجمهورية بتعيين مجلس إدارة جديد للبنك المركزي، لكن الحقيقة خلاف ذلك، فقد عكست تلك الطفرة السريعة لعملتنا صورة حقيقية لمدى هشاشة النظام المالي، فمن باب المنطق لا يمكن حدوث مثل ذلك التحسن في سعر صرف العملة، قبل مباشرة قيادة البنك عملها، فهذه عملة وليست أسهم في أحدى الشركات تتأثر بخبرا ما، والعملة أيضا ليست كائن حي سرعان ما تنتقل من ضغط عالي إلى ضغط منخفض، لمجرد سماعها لقرار رئاسي، فتستعيد حيويتها ويحدث لها ما لم يكن في الحسبان، لذا لم يتسنى لهذه الطفرة أن تستمر فلم تمر عليها سوى أيام قليلة حتى ارتفع مؤشر تضخم العملة ليقترب من مستواه السابق!. 

وحسب تصوري لم تكن تهاني المباركة بالثقة لقيادة البنك الجديدة، التي انتشرت على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، في محلها، في ظل هذا الوضع الكارثي لعملتنا، والحالة المزرية للبنك المركزي، والوضع الاقتصادي والمالي الذي يقف على حافة الهاوية، لذا كانت العبارة اللائقة التي ينبغي أن تقال في مثل هذا الوضع هي، ربنا ينصركم، فالشعب ينتظر منهم بذل جهود جبارة، لا تقل شأنا عما يقدمه القائد في المعركة، فلهيب نار الغلاء ربما أشد وطأة من لهيب المعارك، وعند إحراز قيادة البنك المركزي قصب السبق، وتستعيد العملة هيبتها، ويتحرر الناس من لهيب سوط الغلاء، وقتها سيزف الشعب بأكمله التهاني والتبريكات لقيادة البنك المركزي.

لذا يقع اليوم على عاتق قيادة البنك المركزي حمل ثقيل، فالمهمة جسيمة وليست طبيعية، والخبرة والكفاءة اللذان يتمتعون بهما غير كافيتين، فمن المؤكد كان قبولهم بتحمّل هذه المسؤولية مشروط بضمانات وتعهدات، من الحكومة وقيادة دول التحالف، بفسح المجال للبنك كي يتخذ إجراءات صارمة، تمنع هدر المال العام، وتدفع بضبط جميع الايرادات في أوعيتها الصحيحة، وتوريدها إلى خزانته، وكذلك تقديم الدعم الكامل لتنفيذ السياسة الجديدة للبنك المركزي، والتي سترتكز على معالجة الاختلالات السابقة التي أدت إلى مزيد من الاستنزاف للعملة الصعبة، كما يقع على الحكومة مطالبة المجتمع الدولي بتقديم الدعم والمساعدة في عملية إصلاح وترميم الاقتصاد الوطني.
 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان