لعبة الغُميضان !
الساعة 01:43 مساءً

 متعة أن يستعيد المرء بعض ذكريات طفولته، بحيويتها اللطيفة، و شقاوتها البريئة، و أنشطتها الصاخبة  التلقائية، و بألعابها المتنوعة .

    من ألعاب الطفولة تلك؛ لعبة كانت تسمى الغُمَيضان أو الغُمّاية، مايزال يلعبها الأطفال، و الصغار أيضا يلعبونها حتى اليوم.

 

و لعبة الغميضان ؛ لعبة من اللعب الشعبية، و هي على ما فيها من مخاطر ؛ إلا أنه يفرح بها الصغار، و يندفعون إليها بلا رؤية و لا روية ؛ مع أنها  من أسوأ اللعب التي يلعبها  الاطفال، و الصغار كما قلنا ؛ رغم مخاطرها السيئة، على عكس الُّلعب الأخرى التي تكون فيها الرؤية واضحة، و البصر و البصيرة حاضران.

 

في لعبة الغميضان كل اللاعبين - تقريبا - يخسرون، أو يصابون!

 

   حتى أولئك الذين يشاركون في اللعبة و اللعب، و الذين لا يعصبون على عيونهم قطعة القماش التي تحجب الرؤية عن الصغير أثناء اللعب ؛ فإنهم يصابون أيضا بطريقة أو بأخرى ؛ حيث يلحقهم عَمَىً معنويا يصيبهم فإذا هم بمنزلة من غطى على عينيه بالقماش الذي حجب عن نفسه الرؤية ؛ ذلك أنه يتماهى مع اللعبة حتى تسيطر عليه طبيعتها، فإذا هو أعمى مع زملائه..!!

 

    يعصبون على أحدهم عينيه حتى لا يرى شيئا أمامه، ثم ينطلقون باللف و الدوران في مساحة محددة، يقوم معها المعصوب على عينيه بالبحث عن زملائه و الإمساك بأحدهم، فيما يقوم زملاؤه بإصدار أصوات و حركات و أفعال، من مختلف جوانب الساحة المخصصة للعب بغرض تضليل من يعصب على عينيه، فإذا هو - بسبب الحركات و الأصوات المضللة - يصطدم- أثناء محاولته اللحاق بهم - بجدار ، أو بعمود، أو يقع في حفرة .. و هكذا .

   إنها شقاوة الصغار البائسة و الشقية، و لكنها مؤذية !

 

   يكبر الطفل و يتجاوز مثل هذه اللعب، فيما يبقى الصغار يتلذذون اللعب بها و يستمتعون بأذى زملائهم..!!

 

   ما الذي يدفع الصغار إلى ممارسة مثل هذه الألعاب رغم خطورتها  ؟ و كيف يحبذون المغامرة في تعاطي لعبة لها خطرها و مخاطرها ؟ و كيف يرضون اللعب بلا رؤية أو روية !؟

 

   تزداد خطورة مثل هذه اللعبة - في لعبة الغميضان - التي تمنع العينين عن الإبصار،  و تحجب الرؤية ؛ أن يوجد بين الصغار ؛ صغير نزق و آخر مشاغب، و ثالث عدواني، و رابع معتوه ، و بعض الصغار يكون الحمق داء فيهم، و أحيانا هناك المشاكسون، و حينا ذلك الذي يرى من نفسه أنه من عائلة متميزة على الآخرين  .

 

   لكنه عبث الأطفال و نزقهم، و سفههم ؛ لكن كلا ، عبث الأطفال  نعم،  لكن ليس سفههم ؛ لأن السفه إنما يكون في صغار من طراز آخر ، كما كان يقول أحد رعاة الغنم .

 

    ما أشبه - اليوم - شأن العملة الوطنية - الريال - الذي نراه في الآونة الأخيرة  و كأنه يمارس هذه اللعبة؛ لعبة الغميضان ..!! 

   لكن ما الذي قفز بالريال اليمني إلى الذهن ، فجعل الذهن يشبّهه في جريانه صعودا و هبوطا بأولئك الذين يلعبون لعبة الغميضان؛ و إذا هو من حيث يدري، أو لا يدري يلعب مع آخرين بلا رؤية،  و لا بصر ، و لا بصيرة ، ولا حتى برآءة أولئك الأطفال..!!  كيف يحدث هذا النزق ؟   وكيف يجاري الآخرين بهذا العبث، و كيف يتم إغماض العيون، و كيف يتم حجب الرؤية ؟ و كيف ينتشر الخداع بالحركات المضللة، و الأصوات المخادعة ؟ و الأفعال الماكرة، و هل يدخل هذا اللعب في سياق شقاوة الأطفال و عبثهم،  أم في مكر الصغار و سفههم  !؟

 

   ها نستطيع أن نحدد الأسباب و الخفايا التي استدرجت الريال إلى اللعب في ساحة لعبة الغميضان ؟ و هل هي سذاجة الطفولة أم سفه الصغار ..!!؟

   و كيف يمكن الارتقاء بالريال الى مستوى الكبار؛ لإنقاذه من أن يتخطفه السفاء،  والحيلولة بينه و بين اللعب مع الصغار !؟

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان