علي… الأسطوري والمثالي والواقعي
الساعة 04:04 مساءً

*الخلفاء الراشدون ثلاثة فقط ليش منهم علي.

* مشروع علي كان وراثيا ولم يكن يختلف عن مشروع معاوية

*كان طموحه أكبر من قدراته مما جر المسلمين إلى أكبر وأخطر فتنة في تاريخ الاسلام المبكر.

الشخصية المثالية، الإنسان الكامل، في الوعي الإسلامي ليس الرسول… بل علي بن ابي طالب!

لقد نقلت كتب السنة بعض الأخطاء المنسوبة للصحابة وحتى للرسول مثل عبوسه في وجه الأعمى، وخطئه في تأبير النخل وغزوة الخندق، وغضبه السريع في بعض المواقف مثل حادثة الإفك...

أما علي، بالمقابل، فهو الشخصية المتكاملة، حسب ما قدمتها كتب التراث السني والشيعي، الشخصية النقية الكريستالية المثالية الخالية من العيوب.

لا أريد هنا التطرق لمسألة ان صناعة الصورة المثالية لعلي وأولاده تمت في نهاية العصر الاموي وبداية العصر العباسي كنوع من المقاومة السياسية ضد التسلط الاموى من ناحية والتسلط العباسي من ناحية اخري.

لكن نظرة نقدية بسيطة للأحداث المرتبطة بعلي كما ذكرتها كتب التراث نفسها تكشف لنا عن شخصية مختلفة تماما لا تقل طمعا في السلطة عن معاوية ولا سفكا للدماء عن يزيد.

فطمع علي في السلطة كان مبكرا جدا منذ وفاة الرسول مع أنه لم يكن يملك أي مؤهل للحكم مقارنة بكبار الصحابة إلا قرابته من الرسول.

ولم يكن علي يتمتع بأي نوع من الذكاء السياسي او القدرات القيادية التي تمكنه من قيادة الدولة التي تتحول بسرعة إلى امبراطورية.

يؤمن السنة والشيعة معا أن عليا من الخلفاء الراشدين ويذهب حتى بعض السنة إلى أنه افضلهم.

لكن قراءة أحداث التاريخ المدون تقول إن علي لم يكن أبدا الخليفة الراشد الرابع وأن الخلفاء الراشدين، بالمفاهيم التراثية المعروفة للرشد، كانوا ثلاثة فقط هم ابوبكر وعمر وعثمان..

فقد تم تعيينهم باجماع الارستقراطية القرشية بناء على الأسبقية في الإسلام والوضع القيادي ضمن قريش والتفاني في خدمة الإسلام منذ بدايته. أما علي فلم تجمع عليه الارستقراطية القرشية ورفضه أغلب اهل الشورى المعنيين ب"انتخاب" الخليفة.

ومما زاد الطين بلة أن علي بعد محاولة استيلائه على الخلافة بالقوة ارتكب خطئين أثارا ضده نخبة الصحابة.. الأول انه رفض محاسبة المتورطين في مقتل عثمان واقامة الحد عليهم مخالفا بذلك حكما شرعيا واضحا، والثاني انه أقال حكام الولايات الذين عينهم عثمان وولى بدلا عنهم ولاة ولغوا في سرقة المال العام دون ان يحاسبهم أيضا.

يرد البعض ذلك إلى أن علي كان خاضعا "للثوار" ولم يكن يجرؤ على محاسبتهم وإلا فقد القاعدة الجماهيرية التي استند اليها للقفز الى الحكم..وهذا تأكيد على غياب القدرات القيادية عنده.

كان علي يرى أن السلطة ميراث عائلي لبني هاشم، وهو مؤسس جذور الهاشمية وتحويل الإسلام إلى دين عائلي. لهذا فقد خرج أولاده من بعده ليطالبوا بحقهم في الخلافة (دون ان نعرف من أين اكتسبوا هذا الحق)، بينما لم نسمع أن ابناء ابي بكر او عمر او عثمان طالبوا بحقهم في الخلافة بعد وفاة آبائهم.

الصورة المثالية ونصف الإلهية لعلي ليست موجودة عن المسلمين فقط، بل وجدتها عند بعض اخوتنا المسيحيين العرب أيضا تأثرا بقراءاتهم الإسلامية..

كما انها ليست صورة محصورة في الاسلاميين فقط بل ان اليساريين العرب أكثر حماسة للصورة المثالية والكاملة لعلي الذي يرونه نموذجا للعدل والثورة والاشتراكية تأثرا بالقراءات المؤدلجة للتراث الإسلامي.

ودائما ما يقدم معاوية باعتباره الشخصية النقيضة لعلي، لكن التاريخ المدون يقول إنه لم يكن أقل طمعا في السلطة من معاوية وقد سفك من أجلها ما سفك من دماء واسماء موثقة ومعروفة.

أمامنا أذا ثلاث شخصيات: على الأسطوري في الخيال الشعبي الذي يقاتل التنين ويصرع الجبابرة ويقتل مئة بضربة سيف. وعلي المثالي الذي يتجاوز الرسول في مثاليته وهي صورة زادت في ترسيخها الكتابات الحديثة. وهناك علي الحقيقي الطامع في السلطة بلا قدرات والسابق إلى مبدأ وراثية الحكم في الإسلام.

 

ليس الهدف من كلامي الانتقال من التأليه إلى الشيطنة، وانما المساعدة على تكوين رؤية نقدية لشخصية محورية في الإسلام في الماضي والحاضر...

شخصية مركبة من الخير والشر ظلمتها السرديات بالصورة المثالية المستحيلة في عالم البشر.

رؤية نقدية ضرورية خاصة وان خرافة الغدير يتم استخدامها كايديولوجيا عنصرية وتحريكية وتحريضية في صراعات السياسية اليوم.

تفكيك أسطورة علي المثالي ضرورة لتحرير الحاصر من أكذوبة الولاية وأوهام العنصرية السماوية.

 

ابريل 2022

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان