عندما كنت طالبا في الابتدائية ، لم أكن أعي معنى اليمن ، كان اليمن بالنسبة لي يعني أبي وأمي وأقربائي ، وفي أبعد التقديرات قريتي التي أقطن فيها ، ومدرستي التي تحتضنني أيام الدراسة ،
كان هناك ثلة ممن أعرفهم من أقربائي وغيرهم ، يغيبون عنا فترة تتراوح بين العام والثلاثة أعوام ، مغتربين في السعودية ، حين يعودون ، كنت أتأمل في أحوالهم ، فأجدهم مرتاحي البال ممتلئ الجيوب والأجسام ، لا يمكثون معنا إلا القليل ، أحدث نفسي ، لماذا لا يكن من تظله سماء اليمن أو من تقله تربته مثلهم ؟! إن لم يكن أفضل منهم ، وقتها لم أجد إجابة ، لم أكن أدرك معنى الاقتصاد ولا السياسة ، ولا شؤون الحكم كل ما أسمعه من المذياع أو التلفاز ، أن الله أنعم على اليمن بحاكم همام ، وقائد ضرغام ، حكيم زمانه لايفتأ يناضل من أجل اليمن .
وتمر الأيام وحال الناس يزداد سوءا ، والمذيع يردد صباح مساء ، شكره للحاكم البار على جهوده في خدمة اليمن والنهوض به ، أتلفت يمنة ويسرة ، فلا أجد إلا البؤس والفقر ، وتعود أسئلة أخرى ، تبحث عن إجابة ، كيف يحصل لليمن كل هذا ؟! و الحاكم لا تمر ساعة إلا واسمه يردد في الأثير ، يتفانى كل ذلك التفاني لخدمة اليمن ، هل الأثير يكذب ؟! ولماذا يكذب ؟! أسئلة متداخلة تراكمت ، ولم أبدأ رحلة البحث عن الإجابات إلا بعد الثانوية العامة .
تحققت الوحدة اليمنية ، فقلت هذا اليمن ، لم تمر فترة قصيرة حتى تدهور الاقتصاد ، فأفل خير الوحدة ، فقلت: ليس هذا اليمن الذي نحلم به ، والذي يوفر لنا العيش الكريم فتح باب التعددية الحزبية فقلت : هذا وطني اليمن ، فكل الأحزاب تشدو باسمه ، وتمضي السنون ، وكلما تكلمت الأحزاب عن اليمن ، حلت الكوارث والمآسي فقلت : ليس هذا اليمن الذي راود أحلامنا وداعب مخيلتنا .
إبان الدراسة الجامعية تسابقت الأحزاب على توسيع قاعدتها وأنصارها بين الجماهير ، يا إلهي لليمن كل هؤلاء المحبين ، يلوكون اسمه بأفواههم صباح مساء ، لماذا كل هذا الحب لليمن واليمن مازال معلولا ؟! كفرت بالحزبية وبالسياسة وبالانتخابات وكل من يتشدق ويتلفظ باسم اليمن ، لقد اختلط الحابل بالنابل الحاكم يهتف لليمن ولا نجد لذلك أثرا ، والحزب يناضل من أجل اليمن ليخدم قواعده وقياداته ، إذن على الشعب أن يبحث له عن يمن آخر .
وطني المثخن بجراح الفاسدين والنهابة والجهلة والمارقين ، بعد رحلة طويلة هأنذا أجدك في قلوب البسطاء ، في قلوب الأشقياء بظلم الأوصياء ، في قلوب الفقراء بجشع الأغنياء ، فطوبى لهم ، وتبا لأولئك ولو لبسوا أثواب الأولياء
الأكثر قراءةً
الأكثر تعليقاً
-
سائق ينجو من الموت بأعجوبة بعد غارة أمريكية على طريق صنعاء-الحديدة!
-
"موجة بيع غير مسبوقة للعقارات في صنعاء.. هل هي مؤشر لانهيار وشيك؟"
-
"اليمن يفتح أبوابه للعالم: مطار دولي جديد يدخل الخدمة بعد عقد من التوقف"
-
"أطراف خفية تعرقل تحرير الحديدة بإشعال الفتن في الجنوب.. من المستفيد؟"
-
مراسل ل "ترامب": هل صحيح أنكم تراجعتم عن خطة إسرائيلية لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية؟.. شاهد رد الرئيس الأمريكي
-
مغتربون في ورطة.. هل يمكن لحاملي الجوازات السعودية العودة بعد السفر؟
-
"توجيهات تربك سوق الوقود في صنعاء.. والمواطنون في حالة ترقب"