عندما يكون حكام بلادك من دولة شقيقة!!
الساعة 03:09 مساءً

عند ما تم الاتفاق على تعيين معين عبد الملك رئيسا للوزراء قبل وبعد حكومة المناصفة لم يعترض عليه أحد من الجنوبيين، بل بالعكس كانت هناك اتهامات للمجلس الانتقالي أنه هو من أخرج بن دغر من رأس الحكومة وأتي بمعين بديلا له، مع علم الجميع أن الذي أقال بن دغر وأحاله إلى التحقيق هو الرئيس عبد ربه منصور الذي لم يكن ليتخذ قراراً دون مشاركة نائبه علي محسن، لكن هذا ليس موضوعنا.
ومضت السنوات منذ تعيين معين والبلد تبحث عن معين يعينها على شرور معين ومفاسده، ونحن هنا نتحدث عن الجنوب الذي يحكمه معين وزملاؤه لأن لا سلطة لهم على قرية أو حارة في أي من المحافظات الأربع عشرة الشمالية، بما في ذلك المديريات المحررة منه وهي أقل من أصابع اليدين، لكن هذا أيضا ليس موضوعنا.
بعد التئام مجلس النواب في سيؤون أبريل 2019م وانتخاب الزميل سلطان البركاني رئيسا له تعززت (الشراكة) وكان قد رفض الزملاء الشماليون انتخاب الزميل محمد الشدادي رئيساً للبرلمان بحجة إنه لا يمكن أن يكون رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية من الجنوب، ومع ذلك لم يعترض الجنوبيون على انتخاب الزميل البركاني لموقعه هذا.
وبعد مشاورات الرياض ونقل السلطة إلى المجلس الرئاسي صفق كل المشاركين في المشاورات لتعيين الدكتور رشاد العليمي رئيساً للمجلس، ولم يعترض جنوبيٌ واحدٌ على هذا التعيين ، ولم يقل أحد أنه لا يجوز أن يكون رئيس البلاد ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء من الشمال، لا وبل من محافظة واحدة كما قيل عن الزميل محمد الشدادي والرئيس عبد ربه منصور هادي، رغم وجود رئيس وزراء من الشمال الشقيق حينها وما يزال حتى اليوم.
اليوم يحكم الجنوب رئيس جمهورية ورئيس برلمان ورئيس وزراء ونصف الحكومة و5/8 من مجلس الرئاسة، وتسعة أعشار الدولة العميقة، من شركاء غزو الجنوب في 1994م وأتعجب لمن يتساءل عن أسباب الانهيار المعيشي والخدمي والأمني والأخلاقي والتربوي والصحي الذي يعيشه الجنوب والجنوبيون!
عند ما يكون حكامك من دولة شقيقة، لكنهم ليسوا أشقاء مخلصين وحريصين على حقوقك ولا أوفياء في القيام بواجباتهم نحوك كشعب قوامه قرابة ستة ملايين نسمة، بل هم منذ حوالي 3 عقود أتوا إليك غزاة واجتاحوا البلاد وهمشوا العباد ودمروا الدولة ونهبوا الأرض والخيرات والثروات، فلا تتوقع منهم خيراً، إنهم إنما جاءوا ليواصلوا العدوان المسلح الذي شنوه في العام 1994م و2015م ولكن بوسائل غير عسكرية بيد إن أثرها التدميري أكثر من كل المتفجرات والمفخخات والمجنزرات وقاذفات الصواريخ والعبوات الناسفة.
منذ مجيء معين عبد الملك إلى رئاسة الوزراء لم يتغير أي واقع في الجنوب إلا إلى الأسوأ، فلا خدمات الماء والكهرباء والصرف الصحي تغيرت ولا الخدمات الطبية تحسنت ولا رواتب الموظفين والمتقاعدين ورجال القوات المسلحة والأمن في حينها أتت، ولا برهن الرجل حتى أنه موظف حكومي من الدرجة العاشرة، وليس رئيس أو وزير أو حتى مدير عام.
وماذا أقول عن رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، وهما لا يشعران بالحرج حينما يخطبان ويدلوان بالتصريحات الصحفية ويجريان المقابلات الإذاعية والتفيزيونية دون أن يشيرا إلى الواقع في الجنوب وما يعانيه الجنوبيون من أوضاع كارثية بسبب حربي 1994م و2015م وحرب الخدمات والتجويع التي يتقاسمان تنفيذها مع معين عبد الملك، حتى ولو أسموا الجنوب بــ"المناطق المحررة".
سأتغاضى عن أقاصيص الفساد التي تزكم الأنوف والمتعلقة بمعين عبد الملك أو سواه وعن الملايين التي يقال أن أبناء المسؤولين يراكمونها من خلال العبث بالأموال العامة التي تقع تحت سلطة هؤلاء والتي هي أصلا موارد الجنوب ومردود نهب ثرواته، أقول سأتغاضى عن كل هذا فقد درجت على ألا اتهم أحد بناءً على تسريبات غير مؤكدة رغم أن التسريبات هي اليوم المصدر الوحيد لكل من يبحث عن الحقيقة حينما يجري تغييب الحقيقة وإخفاء المعلومة وحينما تغيب السلطة الرابعة إلا سلطة المدح والتطبيل، وحينما يكون أكثر الناس فساداً هم أكثر الناس تظاهراً بالسخط واللعن والتأفف من الفساد ، لكنني سأتحدث بلغة العامة العادية جداً، فأبناء الأرياف كانوا يقولون "ما يفهم رطني إلا ولد بطني" والإمام الشافعي قالها بالعربية الفصحى:
"ما حكَّ جلدَكَ مثلَ ظفرِك
فـــتَوَلَّ أنت جميع أمرِك" 
وحكام الجنوب اليوم ليسوا من أولاد "بطن" الجنوب ولا "ظفر" من "أظفاره"، وبالتالي فهم لا يفهمون "رطن" أبناء الجنوب ولا "يحكُّون" لهم جلودهم، فعيون هؤلاء على أهداف غير أهداف الجنوبيين ومصالح غير مصالح الجنوبيين ونواياهم تتصادم مع نوايا المواطنين الجنوبيين.
والخلاصة إن الجنوب اليوم يحكمه غزاة 1994م بمشاركة غزاة 2015م ولا فرق إن دخلوا الأرض الجنوبية غزاة بقوة السلاح أو جاءوا هاربين متسلحين بدعم وحماية التحالف العربي الشقيق.
لن يعرف الجنوب عافيةً طالما ظلت أموره متحكم فيها من قبل حكام ينتمون إلى دولة شقيقة دخلت إلى البلاد غازية ولم تغادرها ولن تغادرها إلا بتخريب كل شيء قابل للحياة، حكام غرباء عن نفسيات ومشاعر وثقافة ومصالح وأحاسيس ومعانات وتطلعات وآمال أبناء الجنوب.
والله على ما أقول شهيد.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان