باستهدافه للتعليم وتغيير مساره المعرفي والوطني، وضع الحوثي آباء الطلاب، في مناطق سيطرته، أمام خيارين كلاهما أسوأ من الآخر، فإما أن يدفعوا بأولادهم إلى مدارس مؤدلجة يتخرجون منها عبيدًا للسلالة وقنابل موقوتة، أو يمنعونهم من الذهاب للمدارس فيصبحوا أميين وجهلة لا يعرفون إلى المستقبل طريقًا. أيًا كان القرار الذي سيتخذه الأب المهموم بمستقبل طفله فإن الحوثي وحده هو المستفيد
منذ سيطرته على صنعاء وكثير من المحافظات اليمنية في سبتمبر 2014، اتخذ الحوثي العديد من الاجراءات والقرارات التي لم يعلن عن غالبيتها ومررها لمشرفيه ولجانه المسماة بالثورية لفرضها قسرًا على اليمنيين، معظم تلك القرارات تهدف إلى تجويع وتجهيل وتركيع الشعب، وفي حال تحقق له كل ذلك فقد ضمن حكم اليمن بنظام وراثي يقوم على أسس عرقية وطائفية يقسم فيها المواطنين إلى عبيد وسادة.
قرارات التجويع والتركيع والتجهيل، ليست من ابتكار الحوثي اليوم، إنها مستمدة من أرث أجداده الأئمة الذين حكموا اليمن لقرون عديدة بالاعتماد عليها، فهي جميعها سلاح قوي إلا أن التجهيل والأمية كان ومايزال وسيبقى الأشد فتكًا فما كان لحكم الأئمة الكهنوتي أن يمتد لقرون لولا الجهل الذي فرضوه على الشعب اليمن. الحوثي يعي ذلك جيدًا مستفيدًا من تجربه أسلافه، فهم وهو لا يستطيعون تسيد اليمن والتحرك فيها إلا في ظل الجهل، ولذا نجده اليوم يحارب التعليم، ويعمل بكل طاقته بطريقة ممنهجة على نشر وتفشي وتكريس الأمية بين اليمنيين لإعادتهم إلى عصور الظلام، ومن تعلم منهم فلخدمة المشروع الحوثي.
مخطئ من يعتقد أن التعليم في مناطق سيطرة الحوثي ما يزال معنيًا بالتحصيل المعرفي والتربية الوطنية وتعزيز الهوية اليمنية، ويؤسفني أن أقولها صراحة وبكل يأس، فكل الشواهد تؤكد أن الحوثي قد حول التعليم إلى أداة لتعبئة الطلاب وارسالهم للجبهات، ووسيلة لتنفيذ مخططاته لتجهيل اليمنيين وضمان استمرار تبعيّتهم خدمة لمشروعه الطائفي السلالي التدميري.
ثمة خمس حقائق، من العشرات مثلها، تؤكد أن الحوثي يدمر التعليم بهدف تجهيل الشعب اليمني، واستعباده مستقبلا بعد القضاء على الهوية الوطنية اليمنية من نفوس النشء، وحرف المسار التعليمي من غايته المعرفية إلى مجاهيل الخرافة، وأول حقيقة هي تغييره للمناهج التعليمية، أما الثانية فسنجدها في برامجه ومناهجه الجديدة التي يعمل من خلالها على غرس تقديس قياداتها السلالية في نفوس الطلاب، وتبرز الحقيقة الثالثة في تحويله المدارس إلى منافذ عبور للموت، وفي الرابعة نجده يلزم المدرسين والطلاب بحضور دورات تعبوية وطائفية، أما الخامسة فهي تنظّمه لأنشطة ومراكز صيفية سنوية لغسل أدمغة الطلاب وحشدهم إلى جبهات القتال.
هذه صورة للمصور اليمني المبدع علي السنيدار، التقطها ونشرها منذ ثلاث سنوات تنقص أو تزيد، ومنذ رأيتها لم تغب عن ذهني، بحثت اليوم عنها في قوقل ووجدتها بصعوبة. الصورة تلخص حال اليمن قبل وبعد انقلاب الحوثي. يمنان على قطيعة تامة مع بعضهما، أحدهما يمثل نور ثورة 26 سبتمبر، والآخر يمثل الظلام الحوثي ومحاولته لتجهيل الشعب.
الأكثر قراءةً
الأكثر تعليقاً
-
الفلكي الشوافي: توقع جديد حول تغيرات الطقس ابتداء من الاثنين القادم ودعوه هامه للمواطنيين .. تفاصيل
-
بالفيديو.. الحوثي يستهدف دولة عربية بصاروخ بالسيتي والانفجارات تهز مناطقها
-
كارثة وشيكة في صنعاء.. ومصادر مصرفية تحذر
-
محلل سياسي يكشف عن انفجار وشيك لحرب كبرى في اليمن وخطوة واحدة ستكون بمثابة إعلان حرب ستقلب الأمور رأسا على عقب
-
سياسي سعودي: المجتمع الدولي بدأ باعداد البديل في صنعاء
-
خبير استراتيجي يكشف السيناريوهات القادمة الحرب في اليمن
-
اكاديمي سعودي يُؤكّد اقتراب نهاية المليشيا الحوثية في اليمن والعثور على بديل لهم لحكم صنعاء