يناير جرحاً غائراً
الساعة 05:17 مساءً

13 يناير 1986م جرحا غائر في جسد الوطن , ترك دون أي تضميد وتعفن , ويفرز صديد بروائح كريهة تزكم انوفنا , أحداث أليمة فيها ضحايا ومجرمين .

لا يحتاج اكثر من تنفيذ عدالة انتقالية , يعترف فيها المتصارعون بجرائمهم , اعتراف يرضي الضحايا ويخفف من آلامهم واوجاع ذويهم .

الدعوة لإغلاق هذا الجرح دون علاج حقيقي وتضميد , هي دعوة خبيثة لتركه يتعفن لينفجر من حين لآخر في وجوهنا , مبررا إفرازاته القذرة التي تعكر صفو الحياة العامة والعلاقات والتوافقات حول دولة منشودة وحكم رشيد .

إنها دعوة لاستمرار العنف , واستمرار صراعات خفية في أروقة السلطة , تهدف لاختطاف الدولة من قبل جماعات دون غيرها , هو استمرار لمبررات تصفية الحسابات , والقمع والقوة الغاشمة التي تتشكل على أسس الثأر.

علينا ان نعترف بالحقيقة , ونقولها ان الجرح لازال يدمي الوطن , وان التصالح والتسامح لم يحقق مبتغاه , لارتكازه على تصالح المتصارعين ( طغمة وزمرة ), وترك الضحايا دون إنصاف حقيقي , ترك أبناء الأبرياء لا يعرفون لليوم مصير ابائهم , ولا يعرفون مكان رفاتهم , بل بعضهم فقد كل شي بعد مقتل ولي امره , ولازال لليوم فاقد للحياة الكريمة , ولم يتلقى أي تعويض , من قبل دولة لازالت تحكم بمنظومة هي امتداد واضح وصريح لتلك المرحلة , وإن اختلفت الأدوات .

حقيقة العنف اليوم , هم امتداد لعنف الأمس , يستشف مبرراته من مراحل الصراع والاقتتال الأهلي , البداية من الحرب الاهلية في عدن , ثم أحداث قحطان وسالمين ويناير المشئوم , وحرب 94م الكارثة , مسلسل دموي انتج بعضه بعض , ولزال يبرر لليوم العنف القائم .

هذا المسلسل كان له أثره السلبي على المقاومة في 2015م , التي جمعت كل الأطراف المتصارعة ( طغمة وزمرة ), تناقضاتها من اليسار واليمين والعقائدي والليبرالي , العسكري والمدني ,وبعضها تناقضات انتجها الصراع , وعندما تحقق النصر , عاد كلا منهم ليتذكر ماضيه وجراحه التي لم تندمل بعد , وتوجهت البندقية لصدور بعض , وكانت بداية لمرحلة من التصفيات , وتشكلت أدوات الصراع والفتنة التي عادة بقوة الدعم السخي من أعداء الوطن والتوافق على الدولة الضامنة لمستقبل أفضل.

كل جرح لا يندمل يتسبب بتسمم , في جسم يمتلئ بالجراثيم والفيروسات , وهذا ما حدث في وطني , جروح انهكت الوطن , وفككت البنية المجتمعية ,وتسببت في فتن ما ظهر منها وما بطن , ولو اندملت جروحنا أغلقنا باب الفتنة , وقطعنا الطريق على الأعداء استثمار الشروخ المتسببة , واستدعاء صراعات الماضي للحاضر  , واليوم يعيدوا ترتيب ادواتها بشكل ينتج المزيد من الصراعات ,ويزيد من حجم التراكمات , لاستمرار دائرة العنف والقهر والقمع , لتبقى الجروح دامية , تنهك الجسد والروح , وتسود الحياة في وجوهنا , ويقول قائلهم انتم شعبا متخلف , تقتلوا بعضكم بعض , ما نعمل لكم.

هل عرفت أهمية ان نعالج جروح الماضي , ليتعافى الإنسان , ونعيد جسور الثقة والروابط , و رأب الصدع , وتقريب وجهات النظر , والتوافق على وطن دون عنف , وطن نتعايش فيه بسلام وقلوب صافية ونفوس طاهرة , لا فيه سيد ولا مسود , ظالم ولا مظلوم قاهر ولا مقهور , لنبدأ صفحة جديدة تقودنا لمستقبل وضاء , ودولة محترمة , نحترم فيها حق بعضنا بعض , والله على ما أقول شهيد .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان