زلة الرِّجل ولا زلة الأصبع !
الساعة 07:26 صباحاً

زلة الرِّجْل ولا زلة اللسان! مثل شائع، أو حكمة شائعة تجدها لدى كل الشعوب.

   و تلك الحكمة التي اختلفت لغة واتحدت حكمة؛ ترى أن زلة الرجل إنما تؤذي صاحبها؛ لكن زلة اللسان تجرح الغير، سواء كان شخصا أو أكثر.

   تبعا لزلة اللسان؛ هناك زلة الأصابع أيضا، و زلة الأصابع تضاهي زلة اللسان أو تفوق؛ذلك أنها زلة مكتوبة، وربما كان أثرها أكثر انتشارا، وأكبر ألما،  فزلة اللسان قد تستطيع ان تبادر سريعا وفي اللحظة نفسها من تدارك الأمر و مسح أثرها والاعتذار من سقطتها وزلتها؛ لكن زلة الأصبع تنقلها شبكة التواصل الاجتماعي بثانية إلى مساحات واسعة، و بلاد بعيدة.

 

   يأتي لينسخ و يلصق،  فينسخ غير المراد، ويرسلها إلى غير المقصود؛ فتُستفز المشاعر، وتثور الحفيظة، و يحتدم خلاف لزلة أصبع نسخت خطأ وأرسلت خطيئة.

   لوحة الحروف (الكيبورد)- هي الأخرى- تمثل مزلة أصابع؛ إذ تسارع إلى أن تقذف بحرف أو كلمة لا تقصدها أنت، فإذا بكلمة سيئة جارحة قد أخذت موقعها وسط جملة تكتبها، فتعكس المعنى رأسا على عقب، و قد لا تدرك الأمر في الحال،وإنما بعد أن يأتي العتاب، أو الرد الساخط لما تفوّه به الكيبورد أو زلت به أصبعك، و يضاعف المشكلة أنك لا تنتبه إلاّ بعد أن يأتيك الرد و قد مضى وقت، و شاع أمر زلة أصبعك لدى آخرين مما يضع أمام اعتذارك و حججك عوائق و عقبات، و أنت تبذل قصارى جهدك لتوضيح زلة أصبعك، أو خطأ الكيبورد، الذي تستعين به ليعينك، فإذا هو يلعنك ..!!

   و من زلة الأصابع أن تتبادل عبارات المزاح مع صديق أو قريب؛ فتأتي لتبادل المزحة بمزحة،  و إذا بأصبعك تطيش فتذهب لترسل العبارة لزيد بدلا من أن ترسلها لعبيد، و إذا هي عبارة أو جملة ليس لها مقدمات لديه، و لا مناسبة مقبولة عنده ، و هنا يثار لدى زيد الشكوك و التساؤلات، و ردة الفعل التي تتفاوت عنفا و قصفا، و القضية كلها زلة أصبع..!!

   تكتب تهنئة بمناسبة الجمعة، أو أي مناسبة، فتذهب لتنتزع من ظرف البلد أو واقعنا المعيش صورة تحولها إلى رسالة قصيرة تتحدث فيها عن ثبات وصمود،  أو تضحية و فداء، أو الاستعصاء بالمبدأ و رفض المال المدنس، أو التحذير من البلبلة و الإرجاف..  الخ.  فترسلها كرسالة جماعية لعموم من معك في المجموعة؛  فتصل هذه الرسالة، و كل يقرؤها بطريقته،  فيعتقد - أحدهم أو بعض- ممن أرسلت إليهم أنه مقصود بها، وأنها تعنيه شخصيا ، أو يفهمها على أنها انتقاد واتهام موجه له ،  ولو أنه يعلم انها رسالة جماعية، لما كانت هناك شكوك ولا ظنون.   

   كم مرة على سبيل المثال تعود الردود إلى أصحاب مثل هذه الرسائل،  ماذا تقصد برسالتك؟ و ربما كان الرد أشد منها : أنا أكبر أو أشرف مما ذكرت.. الخ.

   الرسائل التي تذهب إلى المجموعة أو المجموعات،  لا تتناسب مع كل من في المجموعة، فلكل فهمه و ظرفه الآني و مدى تفهمه،  او مرحه، أو حدّته.

   إنها زلة أصبع، قد توقعك في موقف ظريف، أو تضعك في ردة فعل عنيف، فتوخى خطو أصبعك كما تتوخى خطو قدمك، ولن تنجو..!!

 

  أحمد عبد الملك المقرمي

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان