عن الصداقة وخيانة الأصدقاء!
الساعة 06:04 مساءً

أكثر الصداقات التي لايعود بعدها ودٌ أو مجالٌ للتسامح، هي عندما يخونك الصديق.
وأسوأ الخيانات هو ما يحدث مرتين، واحدة عندما يتخلى الصديق عنك في أوقات الشدة، وفي الأخرى الأكثر سوءًا عندما تعلم متيقناً أنه كان أحد أسباب هذه الشدة!

حتى لو اعتذر منك الصديق (الخائن) ففي أحسن حال قد تقبل منه الاعتذار،  لكن النفس تكون قد انكسرت منه، والثقة به لم تعد ممكنة!

أما لماذا تكون خيانة الصديق صادمةً ومؤلمةً مع أنه مجرد صديقٍ وليس أخاً أو إبناً فدعونا نذهب إلى جذر المشكلة..

في موضوع الصداقة وخيانة الأصدقاء كَتَب كثيرون، عبر التاريخ، كتباً وملاحم شعريةً ومسرحيات ورواياتٍ وقصصاً، ورسموا لوحاتٍ وتماثيل ومجسمات.

قدم الكثير  غيرهم أبحاثاً ودراسات عميقةً، كلها صبّت في البحث عن ماهية وأسباب حاجة الإنسان السوي إلى صداقاتٍ تعادل أحيانا حاجته إلى عائلته، كما بحثَت عن الآثار النفسية للصدمات التي يتسبب فيها مكر الأصدقاء.

ما يميز االأسرة والأقارب أن علاقتنا بهم غريزية ولها علاقة بكيمياء الدم والجينات والعواطف والعيش الحميم في ذات الدار والسكن وذات الطعام والشراب وحتى رائحة الجسد في الملبس والأثاث وغير ذلك.

أما الأصدقاء فإن العلاقة معهم تنشأ خارج البيت، في ملاعب الطفولة والصبا والشباب، وعبر الزمالة خلال زمنٍ أطول، في سنوات الدراسة والعمل أو العيش المشترك في محيط إجتماعي واحدٍ في القرية أو المجتمع والدولة والوطن.

خلال هذه المرحلة يكتسب الانسان من الأفكار
والطباع من الأصدقاء ربما ماهو أكثر مما غرسته فيه تربيةُ الوالدين والأسرة في البيت من قيمٍ ومفاهيم وعادات.

ما يحيِّر في علاقة المرء بالوالدين وأحياناً  بالإخوة والأخوات أنها لا تظل في الغالب كما يجب، بل تتأثر أحياناً بعوامل عدة من بينها قضايا تعدد زوجات الأب أو الطلاق بين الوالدين، إضافة إلى ضيق السكن، أو المشاحنات مع وبين زوجات الأبناء، وخروج البنات إلى بيوت الأزواج في أماكن وبلدان أخرى.. أو (العداوات) الناشئة عن قضايا الميراث، لكن الحنين المشترك يظل غالباً قائماً برغم كل الخلافات.

أما في حالة الأصدقاء الذين يشتركون في ذات الغرفة الواحدة، ومشاريع العمل الطموحة  فمن المحزن أن الحنين بعد الخلاف ، خصوصاً إذا اتسع وتعكر بسببه المزاج، لا يبقى ممكناً بل يحل الجفاء والقطيعة ، لكن أسوأ حالات انطفاء وهج الذكريات يحدث عندما تقع الخيانات بين الأصدقاء ، فقد تصبح مريرة وتُسدل من جانب الضحية ستاراً ثقيلاً من التجاهل والنسيان على سنوات أو عقود من الصحبة والذكريات الجميلة، وأحياناً تكون باعثةً على الانتقام والثأر .

كثيرةٌ هي الخيانات التي تعَرََض لها كلٌ منا ، من الأقرباء والأصدقاء على حد سواء ، لكن الخلاصة التي يمكننا الخروج بها هي أنه لا يمكن للخيانة أن تُخْفَى ولو بعد حين، أو أن تُقَيًَد ضد مجهولٍ إلى الأبد!

يقول عبدالعزيز المقالح: 
"للصديق الذي خانني مرتين
إنزع الخنجر المغروس في الظهر
ودعني أراك
فإن دمي حين عانقه 
أدرك في نَصْلِهِ مقطعاً منك
ورائحةً للعناق القديم"!
 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان