قف أيها التاريخ
الساعة 10:03 صباحاً

يروي القُصاص وكتبة التاريخ في عصر ما قبل الإسلام أن كليبا بن وائل التغلبي بعد أن طعنه جساس بن مرة بخنجر مسموم، وأحس بالموت، استغاث بقاتله، وقال: يا جساس اسقني! كان يريد ماء، فامتنع جساس عن أن يسقيه، فاستغاث بعمرو، فما أجاره، وما أغاثه من لهفته. أضف إلى ذلك، أنه نزل إليه وأجهز عليه وقتله، فصارت هذه القصة، والتي خالفت شِيم العرب الموروثة كابرا عن كابر، مضرب المثل في أحياء العرب، لا سيما وقد سطرها شاعرهم بالقول: 

المستجير بعمرو عند كربته / كالمستجير من الرمضاء بالنار 
إغاثة الملهوف، ونصرة المنكوب، خلق نبيل متجذّر في العرب، ورسولنا الكريم محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، قالت عنه السيّدة خديجة: "إنَّه كان يَحْمِل الكلَّ، ويَقري الضيف، ويكْسِب المعدوم، ويُعِين على نوائبِ الحق"، وذلك قبل أن يوحى إليه، وما زادها الوحي إلا رسوخا وكمالا. 
وحين سقطت العاصمة صنعاء في يد مليشيا الحوثيّ، وأحس الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بالموت، استطاع أن يخرج منها متنكرا، والتجأ إلى ملك السعودية، سلمان بن عبد العزيز، لظنّه أنّ في نجد والحجاز بقية من تلك الأخلاق الأصيلة، واستغاث هادي بسلمان، كما استغاث كليب بعمرو، وليت سلمان أجهز على هادي بمفرده، لكنه كاد يُجهز على شعب بأكمله، وأشعل حربا لا ناقة لليمنيين فيها ولا جمل. 
أسس الملك سلمان تحالفا، ظاهره النصرة، وباطنه الاحتلال، قادته عرب، ومن خلفهم غرب، وما دخل التحالف مدينة في اليمن إلا وأفسدها، وجعل أعزة أهلها أذلة، وكذلك فساد الملوك. 
قف أيها التاريخ، وسجّل أن محمد بن سلمان نسف مجد آبائه وأجداده، إن كان في سجلهم ذلك، اكتب أنه استبدل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بهيئة السياحة والترفيه، اكتب أن الرذيلة في عهده تكبر شيئا فشيئا، واكتب كذلك أنه أثقل كاهل السعوديين بالجبايات والضرائب التي يحصّلها لأسياده الغرب. 
قف أيها التاريخ، وسجّل جرائم حرب التحالف في اليمن؛ في صفحة سوداء، لا تتخللها إلا الدماء، اكتب وبلا أسى عن ضربات الطيران، التي يبرّر لها بالخطأ، ثم وبخ السماء التي أقلّت تلك المقاتلات. 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان