عن أسباب فرض العقوبات الأمريكية الجديدة ضد إيران ومآلاتها
الساعة 11:11 صباحاً


بالأمس أصدر الرئيس الأمريكي ترامب قرارا بفرض حزمة جديدة من العقوبات ضد إيران شملت 8 من قيادات الحرس الثوري الإيراني وطالت لأول مرة المرشد الأعلى في إيران السيد علي خامنئي حيث برر ترامب فرض هذه العقوبات الجديدة بأنها ردا على إسقاط الحرس الثوري الإيراني لطائرة التجسس الأمريكية التي حلقت فوق الأراضي الإيرانية الخميس الماضي . 

الغريب والعجيب ان ترامب بعد أن الغى الاتفاق النووي الإيراني في مايو أيار 2018م وقام بعد ذلك بفرض سلسلة من العقوبات القاسية ضد إيران ويواصل حتى الآن سياسة فرض العقوبات والحصار الإقتصادي ضد إيران يدعوها في الوقت نفسه للتفاوض والحوار معه ظنا منه أن هذه العقوبات ستجعل قيادة إيران ترضخ للأمر الواقع وتنحني وتخضع لهذا الإرهاب الإقتصادي وتأتي إلى طاولة الحوار والتفاوض مكرهة وتستجيب للشروط ال 12 التي وضعها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وهو أمر لن يحدث في كل الظروف والأحوال فإيران لن ترضخ لهذه الشروط ولن تتفاوض مع واشنطن إلا بعد إعادة العمل بالاتفاق النووي الإيراني ورفع كافة العقوبات المفروضة ضدها وهذا الأمر من المعروف للجميع وقد أكد عليه المسؤولون في إيران بداية من المرشد الأعلى علي خامنئي حتى أصغر مسؤول إيراني لأن القيادة الإيرانية تعتبر هذا الأمر مسألة كرامة ومبدأ وثوابت لا تقبل المساومة . 

المرشد الإيراني علي خامنئي وقيادات الحرس الثوري ليس لهم أي أرصدة مالية في واشنطن ولا يرغبون في دخول الأراضي الأمريكية مما يجعل هذه العقوبات غير ذات جدوى وبلا تأثير حقيقي . 

كما ان إيران الدولة والشعب قد تعودت على هذه العقوبات وتعايشت معها وتجاوزتها وصارت تمتلك نفس طويل وخبرة واسعة في الالتفاف والتحايل عليها وتجاوز آثارها بل واستطاعت خلال العقود الماضية ان تطور صناعاتها وتحقق نهضة تنموية في مختلف المجالات وتبني نفوذها الإقليمي وحضورها الدولي رغم هذه العقوبات التي نجزم أنها لن تنجح في دفع إيران للتفاوض والحوار مع واشنطن لأنها لا تثق بترامب وإدارته ووعوده ومعاهداته خاصة بعد خروجه من الإتفاق النووي وفرضه كل هذه العقوبات ضدها وتحوله إلى أداة بأيدي إسرائيل والسعودية والإمارات .   

إدارة ترامب التي تلقت صفعة مخزية بإسقاط إيران لطائرة التجسس الأمريكية فوق الأراضي الإيرانية الخميس الماضي وعجزها عن الرد عليها وتلاشي وعيدها وتهديدها تريد بفرضها لهذه العقوبات ان تغطي على فضيحتها المخزية وهزيمتها المدوية وتنقذ ولو القليل من ماء وجهها وهي محاولة فاشلة لتغطية عجزها وهزيمتها بمواصلة سياسة فرض العقوبات الخاطئة التي تظهرها عاجزة عن التعاطي مع إيران بشكل صحيح وتجردها من اي أوراق ضغط يمكن ان تستخدمها ضد إيران مستقبلا حيث استخدمت كل أوراقها واستنفذت كل وسائلها وخسرت كل معاركها فما عساها تفرض من عقوبات أو تستخدم من أوراق ضدها ؟!

هل ستحرم الشعب الإيراني من تنفس الهواء أم من شرب الماء ؟!!

هذه العقوبات ليست الا دليلا جديدا على تخبط الإدارة الأمريكية وفشلها في تركيع إيران والضغط عليها لتعود إلى طاولة الحوار والتفاوض مكرهة بعد ان استنفذت كل الوسائل واستخدمت كل الأوراق ، كما انها محاولة من واشنطن لتطمين حلفائها في المنطقة بأنها ما تزال معهم وستواصل سياستها المتشددة ضد إيران حتى تعدل سلوكها في المنطقة وتحرمها من امتلاك السلاح النووي إضافة إلى أن هذه العقوبات هي خدمة مدفوعة الثمن للسعودية والإمارات فترامب تاجر يجيد الحلب ولا يجيد الحرب وهو لا يفعل اي شي بلا مقابل وما الحديث عن التحالف الدولي الجديد لحماية الملاحة الدولية في الخليج وحماية سفن النفط وغيرها الا اللافتة الجديدة لجباية السعودية والإمارات تحت تحت لافتة حماية الملاحة الدولية في الخليج . 
 
هذه العقوبات الأمريكية الجديدة تأتي بعد فشلها في الضغط على إيران لتوافق على تأييد " ورشة المنامة " التي تهدف لتمرير " صفقة القرن " وتصفية القضية الفلسطينية والضغط على حركات المقاومة الفلسطينية المرتبطة بإيران لتأييد هذه المؤامرة التاريخية بحق القضية الفلسطينية وبيع الأرض والعرض بثمن بخس . 

لقد اثبتت إيران انها أقوى من هذه الضغوط والتهديدات والعقوبات والحصار الإقتصادي وأنها تكسب الشعوب برفضها لهذه الخيانة التي تقام في البحرين وانحيازها للقضية الفلسطينية رغم كل التحديات التي تمر بها والضغوط والعقوبات التي تتعرض لها . 

نراهن على ان هذه العقوبات ستفشل وستنكسر كما فشل التصعيد العسكري الأمريكي ضد إيران في الخليج وانتهى بانتصار ساحق لإيران وهزيمة مخزية لترامب وحلفائه في المنطقة وإيران ستواصل الصبر ومواجهة التحديات وتجاوز هذه العقوبات والالتفاف عليها وتجاوز آثارها بتلاحم شعبي كبير حتى يأتي رئيس أمريكي جديد ويتبع سياسة عقلانية وجديدة مع إيران أو حتى يتشكل تحالف عالمي ضد هذه العقوبات فتكون انكسارا لهيمنة أمريكا على دول العالم وبداية لنهايتها كدولة عظمى ، هذا ما نراهن عليه والأيام بيننا . 

* باحث في الشأن الإيراني

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان