قناة للفبركة عنوان
الساعة 07:21 مساءً

بعد أن ماطلت وتهربت وتعذرت بعشرين عذراً، منذ حوالي ثمانية أشهر، والأخ عابد المهذري وبعض طاقمه يحاولون إقناعي بعمل لقاء متلفز مع قناتهم اللحظة، وأنا أرفض وأعتذر بأعذار لطيفة مغلفة، لأني أدرك أن السياسة ماتت بصنعاء، وجرى تجريف وتجفيف بحرها بصنعاء، وأن سلطة الواقع بصنعاء لاتقبل سوى الصوت الواحد والرأي الواحد واللون الواحد الديني الطائفي الخانق الكهنوتي، حتى وإن حاولت تجميل صورتها بافتتاح قنوات تلفزيونية تدور في فلكها وتسبح بحمدها، فلن تتقبل رأياً آخر ولاصوتا آخر بصنعاء سوى جوقة المداحين والمطبلين والمزمرين والمتزلفين المأجورين الصغار، فكيف ستقبل صوتي وقد ضاقت بي ذرعاً، وتتضايق وتخون وتسفه ولايوجد معي من وسيلة للتعبير عن الرأي سوى هذه الصفحة الفيسبوكية المغمورة محدودة التأثير والأثر، ومع ذلك حظرت من النشر بها لمدة شهر ورفع عني الحظر اليوم ظهراً..

وقبل حوالي عشرة أيام، اتصل بي عابد المهذري، مالك القناة، عصراً، وألحّ بقوة حد الإحراج البالغ أن التقي به، لأنه قريب من البيت، أفهمته أنني لا أستطيع، لأنني مرتبط بموعد مع ناس من مأرب وخولان لديهم قضية عندي.

ولكنه أصر إصرارا عجيبا حد أنني شعرت بحرج بالغ حد الاستغلال، وعيبي أنني أستحي وأحرج.. ركبت معه فوق السيارة وانطلق بنا نحو القناة، قلت له لست مهيأً لعمل مقابلة متلفزة، ولا أنا جاهز، وسقفكم منخفض، رد عليّ: قل ما تشاء بس راعي الوضع وتفهم الظروف الحربية لا تغلق لنا القناة. وفي طريقنا إلى القناة كانت الشوارع شبه خالية من حركة السير، لأن الوقود منعدم وشكا لي هو نفسه أنه اشترى الدبة البترول لسيارته مضطرا بعشرين ألف ريال.

قلت له إذا استمر الوضع بهذا السوء والفشل لن يغلق أصحابك السنة، سيسقطون.. قال دولة الغبر الدبر العالم كله معهم أحسب ديولة مائة عام، من هو بديلهم السعودية والإمارات والفاشلين أدوات التحالف، سخرت في نفسي من تفاؤله المبالغ فيه.

وصلنا القناة التقيت بالأخ عبدالله مصلح، لف بنا المهذري على غرف شاشات الرصد والاستديو وطاقم القناة إمكانيات هائلة ضخمة، ومال سياسي كبير. سألته، هل لديك تمويل من قطر، كما سمعت؟ رد بالنفي القاطع متحفظا معي إلى أقصى حد متكتم.. فهمت أنه لايريد أن يفصح بشيء من الأسرار، وأنني مصنف عدوا خطيرا لجماعته. قلت له كان سقفك بصحيفة الديار حده السماء، المقالات التى كانت الصحف ترفض أن تنشرها لي، كنت أنت تنشرها، ماذا ستضيفون بالقناة وسقفكم منخفض حد بطن الأرض؟ قال القناة غير الصحيفة.

تبادلت الأحاديث مع الصحفي الإخواني المحترم المهذب عبدالله مصلح، الذي سيجري معي اللقاء ببرنامجه أسلاك شائكة، دخلت استديو البرنامج، وجلسنا على كرسيين متقابلين وخلفنا الأسلاك، تشعر أنك بغرفة تحقيق تتبع المخابرات العسكرية.. الكراسي الضيفة المتعبة والأسلاك بالخلف، ولون الاستديو، وطريقة الأسئلة الاستجوابية. شعرت بضيق وإرهاق وتعب وتعاسة..

سجل اللقاء لمدة ساعة إلا ربع.. راعيت سقفهم وقلت الحد الأدنى مما يجب أن يقال. انتقدت عبدالملك الحوثي ومشروع الولاية وأنها وهم، وهادي والأقلمة، وياسين سعيد نعمان، وقلت إن قتل علي عبدالله صالح كان خطأ فادحاً.. وانصفت الرجل بعدة منعطفات، وانتقدت فساد وعبث الحوثيين وفشلهم، وعبرت عن أوجاع الناس ومآسيهم، وبلغة رصينة رزينة متزنة، حتى استغرب الأستاذ عبدالله مصلح وقال لي لغتك دبلوماسية هادئة عقلانية بعكس ما تكتب بالفيسبوك. قلت له راعيت سقفكم..

انتهت المقابلة قبل المغرب، قلت لهم إما تبثوها كاملة أو لاتبثوها.. لاتقصقصوا وتعبثوا.. فوعدوني بأن تبث كاملة بنفس الليلة الثامنة والنصف مساء.

ومن ثم وصلني صهر عابد بسيارة عابد إلى مقيل صديقي القاضي أحمد الخبي، وصلت السيارة إلى جوار منزل الخبي وخلص البترول فوقفها وغادر، لأن الدبة بعشرين ألفا يومها، وظلت السيارة واقفة إلى اليوم الثاني أمام بيت الخبي، ونسيت كتابي "كنت طبيبة باليمن" فوق سيارة عابد، ولم يمر على شرائه سوى نصف شهر لم أقرأ إلا ثلثه، وطالبت منه إرجاعه، فلم يرجعوه إلى الآن..

انتظرت بث اللقاء ليلتها كما وعدوا، ولكنهم لم يبثوها إلا بعد عشرة أيام مساء أمس. وقلت في نفسي كويس أنهم لم يبثوها لأني لم أكن مرتاحا لها البتة، ولكنني تفاجأت مساء أمس برسالة من الإعلامي بالقناة الكرار المراني الساعة الثامنة والنصف تخبرني أنهم يبثون اللقاء، ويا ليتهم لم يبثوه، فتحت التلفاز واستمعت إلى المقابلة ووجدت أنهم عبثوا بها وقصقصوها وحذفوا كل نقد للحوثي وللجماعة، وأبقوا على نقد الأطراف الأخرى، حذفوا نقدي للولاية، ولقتل صالح، وما قلته في صالح من إنصاف بعد أن مات وغادر الحياة.. وحذفوا وقصقصوا إلى حد مخزٍ بما يظهرني مادحاً للجماعة وناقداً لخصومها..

كمن يقول ويل للمصلين ويسكت..

ما هكذا تورد الإبل يا عابد المهذري.. عييييب، الأحرى بك أن لاتستضيفنا من أساسه، حولها إلى مسيرة أخرى وصوت واحد ورأي واحد، واستضف من يدوروا في فلككم، بدلاً من الغش والتدليس والحذف والقص واللصق، والفبركة، وإذا عبدالملك الحوثي يرى نفسه ولي الله ومقدسا وفوق النقد، لا داعي يعبث بالمال العام ويفتح قنوات وإعلاما موازيا لذر الرماد بالعيون.. تكفيه المسيرة وبقية الإعلام الرسمي الذي يسبح بحمده صباح مساء.

فتح علي عبدالله صالح، بعد خروجه من السلطة، قناة اليمن اليوم، وكانت القناة تستضيف كل الألوان، وكنا ننتقده في قناته، أما أنتم تقدسون الحوثي وترفعونه إلى مستوى الالهة، مجرد كلمة نقد لوهم الولاية وحروب استرداد الملك، حذفتوها كلها بطريقة مخلة معيبة..

وأشكر الأخ القدير عبدالله مصلح الذي اتصل، واعتذر لي وأقسم أنه لايعلم بالحذف والقصقصة، إلا بعد بثها، واحتج معي وقال لي لن أقبل أن استمر بالعمل بهذا الشكل سأستقيل من القناة..

أنصح الجميع أن لايكرروا غلطتي ولايعملوا مع القناة أي لقاء، لأنها تريد تطبيلا وتزميرا فقط، صوت واحد ولون واحد ورأي واحد.. استغلال وتجميل قبيح للصور تم، واستغلال لنا.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان