همس اليراع.. يا أبناء أبين !!
الساعة 12:20 صباحاً

باستثناء الفترة القصيرة لطيب الذكر المهندس المحافظ فريد مجور، لم توفق محافظة أبين يوماً منذ العام 1994م، بل منذ العام 1990م بسلطة محلية تستلهم حاجات المواطنين الذين أعيتهم الصراعات وتنازعتهم أهواء الساسة الخائبين الذين أخفقوا في أن يوفروا لأهلها أقل ما يحتاجون من الدواء والغذاء والأمان مثل كل خلق الله.

 

لن أعلق على الأحداث الدراماتيكية المؤلمة التي كانت أبين ضحيتها منذ أسابيع بسبب مجموعة من المراهقين السياسيين مراهقة الكهول، لكنني أشير إلى ما تعانيه أبين اليوم بعد أن تخلى عنها من أسند إليهم إدارة أمرها وتدبير شؤون أهلها، حيث غدت المحافظة نهباً للانفلات والتسيب، فبعد أن وفد إليها الضيوف الذين جاءوا لـ"يحرروها" من أهلها تعرضت مرافقها ومنشآتها وأصول مؤسساتها الحكومية والأهلية، بل وبعض الممتلكات الخاصة والشخصية للتشليح والنهب والاستحواذ، ولولا نخوة عدد من الأهالي وتصديهم لعصابات السلب والنهب، لما بقي فيها مستشفى ولا مدرسة ولا حتى مكتب من مكاتب المصالح الحكومية.

 

كانت أبين تضمد جراحها بنفسها بعد كل حالة نزيف تتعرض لها، وتمكن سكان أبين الطيبين أن يتفوقوا بتلقائيتهم وعفويتهم النبيلة على حماقات سياسييهم، واليوم ترك المسؤولون أبين بعد أن شحنوا جزءً من سكانها ضد الجزء الآخر في أقذر محاولة غسيل دماغ تتعرض لها المحافظة، لكن من قام بعملية الشحن والتعبئة ترك ضحاياه ولاذ بالفرار مبرهناً أنه كان يغش من عرض عليهم بضاعته التالفة، وهو ما ينبغي أن يفهم منه هؤلاء الضحايا البسطاء أن من غشهم وهرب لا يمكن أن يكون صادقاً معهم ولا حريصاً على أرواحهم ومصالحهم، بل لقد اكتفى بنهب المكافأة وولى الإدبار وتركهم وحدهم ليتستروا على خيبته ويدفعوا ضريبتها المرتفعة.

 

لا أستطيع في هذه اللحظات العصيبة في حياة أبين الحبيبة وأهلها الكرام، أن أتحدث عن صاحب حقٍ ومدعيٍ بالباطل ولا عن مصيبٍ ومخطئٍ فتلك أمور نسبية وقابلة لتأجيل النقاش فيها، لكن ما بوسعي الآن هو أن أتوجه أولا بالتحية إلى أهالي أبين الشرفاء الذين حموا المنشآت والممتلكات الحكومية وتصدوا للعابثين والمستهترين، وستروا عورات المسؤولين الهاربين، وأن أتوجه بالنداء إلى كل أبناء أبين شرقها وغربها، شمالها وجنوبها رجالها ونسائها، شبابها وكهولها في جبلها وسهلها وساحلها لأقول لهم: أبين بيتكم كلكم، ولن يعيش على ترابها إلا أنتم وأولادكم وأحفادكم، دعوا السياسيين يمضون في خلافاتهم، لكنكم لا يمكن أن تدفعوا ضريبة حماقة الحمقى وتهورات المتهورين، .   .   .  لن يحمي الجارَ فيكم إلا جارُه والصديقَ إلا صديقُه ولن يحمي المدينةَ إلا ساكنوها، فلا تنساقوا وراء مرضى الجهوية والنزعات العدائية وزارعي الكراهية، لأن هؤلاء سينصرفون ليتاجروا بمآسيكم وآلامكم ويحصدوا ثمار معاناتكم فاتركوا هؤلاء وانصرِفوا لتدبير شؤونكم واحتضان وحماية بعضكم بعضاً، بعد أن تخلوا عنكم وسط المحنة ولاذوا بالفرار، فالمحنة قصيرة العمر وستنجلي لكنكم أنتم الباقون كلكم بنتوعكم واختلاف أماكن ميلادكم وتعدد ميولكم السياسي والفكري.

 

أبين تحتاج إلى من يضمد جراحها لا من ينكأها، وإلى من يداوي آلامها لا من يغذيها ومن يفتح لها بوابات المستقبل لا من يبقيها في الماضي بعيوبه وآلامه، فكونوا أنتم من يضمد هذه الجراح ويداوي تلك الآلام ويمضي نحو المستقبل لأن المستقبل هو الآفاق المفتوحة أمامكم أما الماضي فقد انطوت صفحاته بسوادها وبياضها ولم يتبقَّ منه إلا الدروس والعِبَر التي يمكن تعلمها منه.

 

حماكم الله من شرور الأشرار وفجور الفُجَّار ونصركم على كل من يضمر لكم الكيد والخديعة.

 

(إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ  .   .   .) صدق الله العظيم.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان