نعم، ماذا عن الصومال العربي، الصومال الإفريقي، الصومال القريب إلى العرب البعيد عن اهتماماتهم؟ نعم، أكرر القول: ماذا عن هذا الصومال الذي عانى، ويعاني، ويعيش كثيراً من همومنا التي ما برحت تتزايد وتنمو؟ من الواضح أنه لا الصومال ولا غير الصومال سوف يحظى بعناية عربية، من أي نوع، ما دام هذا هو حالنا العربي، تمزقٌ وتشرذمٌ وخلافات تجر بعضها بعضاً.
ولكي يبدأ الاهتمام بالآخر القريب منا، والمشارك لنا في همومنا، فلا بد أن نتخلص من الأعباء الثقيلة التي عانينا ونعاني منها. ولا أخفي أن هذه الإشارات قد تكررت كثيراً في سلسلة الأحاديث التي يتم نشرها تباعاً، وكلما حاولنا الفرار من الإشارة إليها وجدنا أنفسنا منساقين إليها بحكم سيطرتها على شؤوننا وعدم قدرتنا على الإفلات من قبضتها الحادة.
وأعتقد أننا لو خطونا خطوةً واحدةً نحو التغيير الممكن، لكانت خطواتنا قد تلاحقت وحققت هدفها، لكننا -للأسف الشديد- لم نحاول، ولم تتحرك أقدامنا الثقيلة عن موضعها. في الشعوب المتقدمة، لا يتوقف أبناؤها عن الحركة، لذلك فالحياة هناك في حالة من التغيير الدائم.
وحين نقول إن في تلك الشعوب ما يمكن اعتباره قدوةً ومثالاً للحذو عليه، فإن الواقع الجامد يحول بيننا وتلك القدوة. ولهذا فمن الصعب أن نتخيل حالنا وقد تغير عما هو عليه، وصار مختلفاً ولو في الحد الأدنى. فالجمود لا ينتج سوى الجمود، مثلما أن الحركة لا تنتج سوى حركة مثلها. وليس لنا في ظروف كهذه إلاَّ أن نقاوم ونحاول أن نتحرك ونلحق بركب الشعوب التي سبقتنا أشواطاً مديدةً وخلفتنا وراءها لنعاني من فقدان أبسط المقومات، وتجعلنا في منأى عن الاهتمام بأهلنا القريبين منا والبعيدين كحالنا مع الصومال الشقيق وغيره من الأقطار التي تربطنا بها روابط العروبة والأخوة.
وكل ما قلنا إن ما نعاني منه ليس سوى حالة عابرة، أثبتت الأيام أنها حالة شبه مقيمة أو دائمة، وأن مخاطرها تتزايد وتُباعد ما بيننا، والحلول المقترحة من هنا وهناك لا تجدي نفعاً.
وكما سبقت الإشارات وتكررت، فإننا لن نتوقف عن دق الأجراس واستنهاض الهمم والدعوة إلى الخروج من المأزق الراهن، والكلمة هي كل ما بأيدنا وما في مقدورنا فعله، وهي خيرٌ من الصمت وما يلحقه من إغراق في الجمود.
ورب كلمةٍ استطاعت ولو بعد حين أن تحرك نبض الشارع، ونبض الحياة، ومهما قيل عن أن لا جدوى من الكلام، فإن الواقع والمتغيرات أثبتت أن للكلمة دورها وفعلها، وهو ما يتجلى في حياة الآخرين الذين عرفوا طريق النهوض، وساروا عليه منذ وقت طويل، ولم يتوقفوا خوفاً من أن يعود بهم التوقف إلى ما كانوا عليه من تخلف وركود.
*من صفحة الكاتب على (الفيسبوك)
الأكثر قراءةً
الأكثر تعليقاً
-
سائق ينجو من الموت بأعجوبة بعد غارة أمريكية على طريق صنعاء-الحديدة!
-
"موجة بيع غير مسبوقة للعقارات في صنعاء.. هل هي مؤشر لانهيار وشيك؟"
-
"اليمن يفتح أبوابه للعالم: مطار دولي جديد يدخل الخدمة بعد عقد من التوقف"
-
"أطراف خفية تعرقل تحرير الحديدة بإشعال الفتن في الجنوب.. من المستفيد؟"
-
مراسل ل "ترامب": هل صحيح أنكم تراجعتم عن خطة إسرائيلية لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية؟.. شاهد رد الرئيس الأمريكي
-
مغتربون في ورطة.. هل يمكن لحاملي الجوازات السعودية العودة بعد السفر؟
-
"توجيهات تربك سوق الوقود في صنعاء.. والمواطنون في حالة ترقب"