من المؤسف أن تنخفض الأصوات التي تنادي بالسلام في اليمن، ويعلو على غرارها أصوات نبذ وكراهية وتفرقة مجتمعية تدعو إلى عدم التعايش مع الآخرين.
كيف يمكن لأفراد في مجتمع واحد أن يعيشوا بأمن وكرامة وحرية ورفاهية، وهم في ذات الوقت يعادون بعضهم؟ المسألة مستحيلة، لاسيما إذا كان المجتمع تقوده حكومتين تحرمانه من حقوقه الأساسية.
لاشك أن مرض ما أصاب اليمنيين، أصابهم في دماغهم، أدى لتعطيل وظيفة التعايش لديهم واستبدلها بالكراهية، وهو أمر خطير في الحقيقة، ينبغي أن يتم علاجه، والعلاج الوحيد هنا، هو تطعيم اليمنيين ڤايروس السلام.
وكما انتشر ڤايروس الكراهية في المجتمع، يجب أن ينتشر ڤايروس السلام، بذات السرعة وبذات الأدوات كذلك. انتشر ڤايروس الكراهية عبر وسائل الإعلام وخصوصا وسائل التواصل الاجتماعي، لذا يجب استخدام الإعلام لنشر ڤايروس السلام لنتمكن من معالجة الانقسام المجتمعي وهو خطوة أولى لإيقاف الحرب ومحاصرة الكراهية ونشر التعايش.
يفترض أن يتوحّد جميع أفراد المجتمع ولا يقوم بتصنيف نفسه كتابع لجهة واعتبار الآخرين “أعداء”، هذا الانقسام لا يفيد سوى استمرار الحرب من خلال تغذيتها بضرورة إلغاء الآخرين، ويكو الإلغاء بقتلهم أو احتجازهم أو حرمانهم من حقوقهم وحرياتهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
يفترض أن يطالب المجتمع بالحصول على حقه من خدمات لائقة في وطن آمن وكريم، وأن تعلو أصواتهم تجاه رفض كل أعمال القتل والكراهية، ولا يفترض أن تعلو أصواتهم تجاه تصفية الآخرين، حتى وإن كانت دعواتهم نتيجة لردة فعل عما تعرّضوا له، لأن ردة الفعل هذه، هي في الحقيقية سلوك وحشي وهمجي.
لا يمكن لأي جهة أن تُلغى أخرى، لكن يمكن أن يتعايش الجميع ويتقبّلون بعضهم وكل شخص يتمتع بحرية اختيار شكل حياته وطريقتها، والوصول إلى مرحلة مثل هذه تحتاج إلى أن يبدأ المجتمع في المطالبة بالسلام وأن يكف عن التحريض ضد الآخرين.
سقطنا في الهاوية، ولا يمكن أن نعاود الصعود إلى بر الأمان طالما وأن الكراهية تنتشر في خطابات اليمنيين وأفعالهم تجاه بعضهم، مواجهة هذه الكراهية لا تحتاج إلى وسائل وامكانيات عالية، لكنها تحتاج فقط أن نتحدث عن السلام، نتكلم بحب بدافع أن نحيا بشكل أجمل وأكثر سعادة، ننشر على صفحاتنا عن الجمال في التنوع داخل المجتمع ليصبح ذلك ميزة لنا وليس عيبًا علينا.
لا يجب أن نستسلم للكراهية وعلينا أن نقاوم بشكل مستمر، مقاومة لا تحمل أي سلاح سوى الكلمة الطيبة، مقاومة لا تتنفس رائحة البارود بل رائحة الحرية، حرية أن تحيا في وطن تأمن فيه عن نفسك وأهلك وتجد فيه إنسانيتك وحياتك الهادئة.
لنطالب جميعًا بالسلام بين اليمنيين، فهذا هو التصرّف الوحيد المنطقي، وتلك الأصوات التي تنادي بالسلام، لا يجب أن تخفتي فهي ليست صوت الضعف بل هي صوت الحياة التي تضمن للجميع أن يعيشوا في وطن يحتويهم.
.
الأكثر قراءةً
الأكثر تعليقاً
-
سائق ينجو من الموت بأعجوبة بعد غارة أمريكية على طريق صنعاء-الحديدة!
-
"موجة بيع غير مسبوقة للعقارات في صنعاء.. هل هي مؤشر لانهيار وشيك؟"
-
"اليمن يفتح أبوابه للعالم: مطار دولي جديد يدخل الخدمة بعد عقد من التوقف"
-
"أطراف خفية تعرقل تحرير الحديدة بإشعال الفتن في الجنوب.. من المستفيد؟"
-
مراسل ل "ترامب": هل صحيح أنكم تراجعتم عن خطة إسرائيلية لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية؟.. شاهد رد الرئيس الأمريكي
-
مغتربون في ورطة.. هل يمكن لحاملي الجوازات السعودية العودة بعد السفر؟
-
"توجيهات تربك سوق الوقود في صنعاء.. والمواطنون في حالة ترقب"