آخرهم القرني .. السعودية تحرق رموزها وتدمر قوتها الناعمة
الساعة 01:06 مساءً


فور مشاهدتي لمقطع الفيديو الذي نشره الداعية السعودي الشيخ عائض القرني عن الرئيس التركي أردوغان قبل أيام والاتهامات التي وجهها له علقت بصفحتي بالفيسبوك بأن " القرني لم يهاجم أردوغان وإنما قرأ ما وصله من الديوان الملكي " وهو ما دفع البعض للتساؤل : هل هو معذور ؟!
وهل كان يسعه السكوت ؟! 
والقضية برأيي أكبر من البحث عن اجابات للتساؤلات التي طرحها كثيرون عن مدى صحة موقف القرني وخياراته وهل هذه الاتهامات مراجعة فكرية أم تصريحات سياسية بأوامر ملكية ؟! 

* الجميع يعلم بأن هذه الاتهامات التي كالها القرني لأردوغان جاءت في ظل توتر شديد في العلاقات بين تركيا والسعودية هي جزء من الخطاب الرسمي وهنا الإشكالية ان السعودية كدولة تمر بتحول كبير يناقض الخطاب الرسمي والديني السعودي منذ تأسيس المملكة حتى الآن وهو خطاب ينقلب على الثوابت التي رسخها الإعلام والخطاب الديني السعودي خلال العقود الماضية حتى صارت من المسلمات البديهية لدى الناس .

* السعودية الآن مثلما خسرت الكثير من دول المنطقة وقدمتها على طبق من ذهب لإيران ومثلما ضربت حلفائها وسعت لتدنيس قدسية مكة المكرمة والمدينة المنورة بالديسكوهات والمراقص والخمور تمضي بسياسة غاية في التخبط والتناقض والفشل وتعمل ضد مصالحها الإستراتيجية وتدمر ما بقي لها من قوة ناعمة وتحرق رموزها ووجوهها المشرقة وتضرب ما بقي لهم عند الناس من قبول ومصداقية بدفعهم إلى مثل هذه المواقف التي تجعلهم مثار السخرية والتندر وللأسف القيادة السعودية تظن أنها بهذه المواقف البائسة والسياسة الفاشلة تدافع عن سياسة المملكة ومكانتها وتمهد لتولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لكرسي الملك في المملكة بينما هي في الحقيقة تدمر قوتها وتحرق النار بجسدها بعد أن فقدت دول المنطقة وضربت حلفائها ودعمت خصومها بسياساتها الفاشلة وتخبطها المخيف . !!

* كان الدعاة من بلاد الحرمين أمثال الدكتور عائض القرني والشيخ عبد الرحمن السديس والدكتور سلمان العودة والشيخ محمد العريفي وبن مسفر والشريم وغيرهم رموز العالم الإسلامي وقدوات يقتدي بهم الناس وكانت كتبهم واشرطتهم تباع في كل بلدان العالم الإسلامي وكانت شعبيتهم الكاسحة ومكانتهم الكبيرة عند جمهور الأمة حقيقة لا يختلف عليها اثنان ، كانوا سفراء السعودية لدى الأمة ووجهها المشرق وقوتها الناعمة ورموزها الحضارية فما الذي حدث الآن ؟!
الذي حدث الآن ان السعودية وهي تتخبط وتتنكر لتاريخها وتأريخ الأمة وتنقلب على الثوابت وتسعى للتطبيع مع الصهاينة وتعميق التبعية للأمريكيين اقحمت هؤلاء العلماء والدعاة على أن يكونوا مجرد أبواق لتوجهها الانتحاري وسياستها الجديدة الفاشلة ومن رفض فمصيره المنشار أو السجن والتنكيل والتهم الكبيرة وهي بذلك تحرق هؤلاء وتنهي رصيدهم وشعبيتهم فخسروا جمهورهم وقاطعهم الناس حتى أن البعض رمى السديس بالأحذية كما حدث مؤخرا في دول ومناسبات عديدة .!! 

* ومثلما غدرت السعودية بكل حلفائها وضرب كل القوى المحسوبة عليها تخلت عن القضية الفلسطينية وأكدت دعمها لصفقة القرن كما أكدت في الواقع محاربتها للفصائل الفلسطينية المقاومة وهو ما دفع هذه الفصائل للجوء لإيران وتركيا للحصول على دعمها وهو ما أعطى لإيران وتركيا أوراق قوة وشعبية كبيرة في العالم الإسلامي وجرد السعودية من عوامل قوتها وثقلها وهذا مجرد نموذج واحد لفشل السعودية وتخبطها وهو ما جعل القيادة السعودية تدرك أنها خسرت تأييد أبناء العالم الإسلامي وخسرت قيادتها للعالم الإسلامي وحتى في الداخل السعودي صار لأردوغان جمهور كبير مقابل تآكل شعبية القيادة السعودية ولذا اشهرت آخر أوراقها وأخرجت الكرت الأخير وهو العلماء والدعاة ودفعتهم لمهاجمة أردوغان صاحب الشعبية الأكبر في العالم الإسلامي وذلك للتأكيد بأن " الملك سلمان عبد العزيز " هو قائد العالم الإسلامي كما كررها القرني في حديثه الذي تلقى خطوطه العريضة من الديوان الملكي في محاولة للتذكير بقيادة السعودية للعالم الإسلامي بعد أن تجاوزها العالم الإسلامي وخسرته بمواقفها وسياساتها الفاشلة والخاطئة .   

* القرني وهو يتحدث عن أردوغان وتركيا يبدو مرتبكا مغلوبا على أمره يناقض حقائق التأريخ والواقع فهو يعاير أردوغان بأن في بلاده الخمور والمسكرات ويتجاهل أن أردوغان ورث في بلاده تركة علمانية ثقيلة ترسخت على مدى عقود وتقنن هذه الممارسات في دستورها  وأن أردوغان يسعى لفكفكة القيود العلمانية وإيجاد الخيارات والبدائل للناس ويتناسى القرني وهو يعاير أردوغان بالخمور والمسكرات أن السعودية بلد الحرمين تفتتح الآن في جدة ومكة نوادي الديسكو والرقص والخمور والمسكرات وهو ما يخالف الشريعة الإسلامية التي تتبناها وبنيت عليها ويخالف تراثها وخطابها بينما هي تعتبر هذا انفتاح ووسطية واعتدال فأيهما أشد جرما نوادي الخمور والمسكرات في اسطنبول أم في مكة المكرمة والمدينة المنورة ؟!!

* السعودية اليوم تسير كقطار قائده مخمور بشهوة الكرسي ومعصوب العينيين بينما القطار يسير بسرعة جنونية نحو هاوية سحيقة ومن أعترض من ركاب القطار أو وامتعض فمصيره السجن والسحل وما على الجميع إلا مباركة السياسة الحكيمة والقرارات السديدة والتوجهات الصحيحة لسائق القطار الذي يقود الجميع إلى الهاوية .!!

* لن تدرك قيادة السعودية بأنها  تدمر قوتها الناعمة وتحرق رموزها وتفقد تأثيرها ووتضرب مكانتها في العالم الإسلامي  بمثل هذه السياسة الفاشلة والمواقف المتناقضة كما لم تدرك أنها تسير إلى هاوية سحيقة إلا بعد فوات الأوان . سنة الله .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان