بقايا علم وطني.. وجوه كالحة وصرخة موت
الساعة 07:08 مساءً

بقايا علم وطني مرمي على الأرض، ذو الوان باهتة، تنتصب أمامه بدلة عسكرية مُهترئة، مَصلوبة باستهتار فوق جذع شجرة شبه مُتهالكة، وصرخة الموت ترفرف بتعال فج، ومسلحون ذو وجوه كالحة يرمقون الغريب بنظرات كلها استفهام وتعجب، فيما صحبة شيخين من أعيان الجوف تكفلت بالحماية، وأغنت العيون الفاحصة عن مغبة السؤال، ومنعتها من التوغل في أي تحريات جانبية.

 

كنت حينها مغامرًا يدلف محافظة الجوف لأول مرة (أكتوبر 2009)، والحرب السادسة بين الدولة والمُتمردين الحوثيين على أوجها، وكانت الغيل - المديرية حيث مررنا حاضنة الحوثيين، ومركز ثقلهم، تتوزع على جنبات الطريق العام فيها بقايا لثكنات عسكرية، كان الجيش الجمهوري حاضرًا فيها إلى ما قبل مُرورنا بعدة أيام، لتحل محلها نقاط تفتيش حوثية، تُعزز حضور جماعة طامحة، خيل لي لحظتها أنَّها لا ولن تتوقف عند حدود تلك النقطة الفاصلة والفاجعة، ولن تستسلم إلا إلى حتفها.

 

ولجنا بوابة مديرية المصلوب، حاضرة بني نوف الزاهية، المشهد هنا مختلف، الدولة ونبرات العداء للحوثي حاضرة وبقوة، وفي سباق مع الزمن أنجزت عدد من المواد الصحفية، نشرت فيما بعد بصحيفة الجمهورية الرسمية، كان أبرزها استطلاع ميداني عنوانه: (أبناء الجوف يؤكدون: الحوثي شاذ والآن ينال جزاءه).

 

كان حينها الإعلام الرسمي يُهاجم وبقوة تلك الجماعة الطامحة، ويفند ادعاءاتها الكهنوتية، في الوقت الذي عملت فيه صحف المُعارضة على التقليل من تلك الجانحة التاريخية، وتحميل الدولة - نكاية - كل المسؤولية، شوشت تلك التناقضات على الرأي العام المحلي والخارجي، وصارت مظلومية الحوثيين الظالمين على كل لسان.

 

يالها من مُفارقة صادمة تتجدد، ساهمت وما تزال في تمدد الحوثيين، وانكماش حضور الدولة، واليوم وخارطة مُحافظة الجوف تشهد ذات المأساة، وجدنا من يتشفى، ويتلذذ بتلك الانتكاسات المُتتالية، وفي صفوف من يُحسبون على النظام الجمهوري، وقريبًا جدًا سنقول لهؤلاء كما قُلنا لمن سبقوهم في التضليل والتشفي: (لقد أكلتم يوم أكل الثور الأبيض)، فهل من مُتعظ، ففي الوقت مُتسع وبقية؟!.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان