هذا النعي متأخر..!
الساعة 12:06 صباحاً


رحل مقبل من وجداناتكم - أيها النعاة - كما ترحل خصال طفولتكم البريئة.
رحل باكراً، حين غاب صوته، واحتجاجه الفطريّ "المتربس" على الأذى؛ أياً كان لحنه ورسمه وجدواه!
رحل باكراً، وماذا لو بقي الجسد أشبَه بأثر مادي يرمز إلى ما كان.
رحل بعد أن شاخ ذهنه وبحّ صوته استنزفت روحه في فض المقالعات والمفارعات والمساجلات والمهاترات والمشاغبات.
هذا النعي إعلان طلاق متأخر لمن لستم مثله ولن تكونوا ولا تريدون أن تصبحوا مثله.
إعلان طلاق متأخر لمن ولما تتباكون عليه اليوم.. لانفصال انقضى على عدته سنين مُضاعفة.
كان مقبل يأكل ويشرب ويمرض كثيراً، وكانت رمزيته وإلهامه وكاريزماه مشنوقة في الصورة المبروزة وسجل المناضلين، وقصاصات التاريخ الوطني المبعثرة، وثلاثتهم مؤرشفون في شنطةٍ حديدية بالبدروم السفلي للنسيان.
ثمة أشياء كثيرة تموت بداخلنا، مع رحيل مجسدوها أو لاحقاً، لكن ما كان لمقبل في أرواحكم مات، وإن عاش صاحبه بضع سنين أخرى بعد موت الأثر!
ومن يغرقون في الندب اليوم، إنما يتضرعون ببراعة للتملص من دورهم في دفن رمزية الرجل باكراً، ذاكرةً وشعوراً وعهداً، متخذين من موته الإكلينيكي شماعة يعلقون عليها اختفاء جزيرته من أطلس قلوبهم الجافية!
تعازي الحارة لمن تأخر شعورهم بوجع الرحيل حتى هذه اللحظة.. أما من شعروا به باكراً فلم أجد لهم عزاءا! 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان