حول المناظرات الإسلامية- العلمانية
الساعة 01:33 مساءً

 

 

 الحقيقة ان المفكر فؤاد زكريا كان من أول الداعين والمنخرطين في تجربة "المناظرات" الإسلامية-العلمانية. وكان منطلقه أن الدعاة الاسلاميين لديهم جمهور واسع من الشباب يصلون له عبر منابر متعددة كالتلفزيون والاذاعة والمساجد، بينما لا بتمتع الطرف الآخر بذلك. وكان يرى ان الحوار المباشر مع الدعاة سيجذب الشباب لحضور هذه المناظرات والاستماع لوجهات نظر جديدة قد تغير تفكيرهم او على الأقل توسع افقهم. وقبل المناظرة الشهيرة لفرج فوده في معرض القاهرة للكتاب عام 1992 كان فؤاد زكريا قد انخرط في مناظرتين مع أشهر الشخصيات الإسلامية: * مناظرة نقابة الأطباء في مصر في مواجهة الغزالي والقرضاوي عام 1986 * مناظرة اتحاد الطلبة في الكويت في مواجهة سالم البهنساوي عام 1987. ثم ثلثها بمناظرة مشتركة مع فرج فوده في مواجهة محمد عمارة وسليم العوا في نقابة المهندسين بالإسكندرية في 27 يناير 1992 أي بعد عشرين يوم تقريبا من مناظرة معرض الكتاب الاشهر. ثم ختم زكريا مناظراته بمناظرة حول "أزمة العقل العربي" مع محمد عماره في أكتوبر 1992 عقدت في الدوحة- قطر! وقد ناقشت في مقال طويل بعنوان "سقراط في الشوارع العر بية" دوافع فؤاد زكريا لتجربة المناظرات واعادة بعثها إلى الحوار الفكري العربي بعد توقفها طويلا (ربما منذ مناظرة محمد عبده وفرح انطون)! كان زكريا أول مفكر من خارج الصف الإسلامي يحاول الوصول للجمهور العام بل ومنافسة الاسلاميين على جمهورهم العريض عبر سلاح خطر وذو حدين هو المناظرة. والذي نستنتجه من كتابات زكريا اللاحقه عن مناظراته هو احساسه بخيبة الأمل وعدم تحقيق التنوير الذي كان يسعى له إذ ظل جمهور الدعاة على موقفه إن لم يزدد تشددا. ولعل أسلوب زكريا الفلسفي الأكاديمي العميق والهاديء كان احد أسباب نجاحه المحدود. لكن هذا النجاح المحدود لم يشفع له عند الاسلاميين الذين الفوا ما لا يقل عن عشرة كتب للرد على مناظرات زكريا إضافة الى الهجوم المستمر عليه في كافة تجمعاتهم. كانت كل مناظرة تتبع بردود كثيفة من الدعاة عبر الكتب والمقالات والخطب النارية المحرضة ضد الطرف الاخر. لكن مناظرة معرض الكتاب 1992 التي حضر فيها فرج فوده ومحمد خلف الله عن الجانب العلماني، والغزالي والهضيبي وعماره عن الجانب الإسلامي كانت مفترق طرق ونقطة تحول. حضرها أكثر من 30 ألف شخص، وكانت فاتحة بسلسلة أخرى من المناظرات، وبرز فيها فرج فدوه بخطاب جماهيري بسيط ومقنع كان قادرا على الوصول الى القاعدة الجماهيرية العريضة. بدأ زكريا تجربة المناظرات لكن فوده هو الذي اوصلها الى حدودها القصوي وتربع على عرش بطولتها حتى رحيله، وربما بعد رحيله أيضا! إضافة الى القدرة الخطابية لفوده كانت مقالاته البسيطة واسعة الانتشار وندواته المتعددة في الجمعيات الفكرية تحديا غير مسبوق للإسلام السياسي في زمن صعود" الصحوة" وتغولها. تجمعت روافد كثيرة لتصب في هدف واحد.. اسكات صوت فرج فوده بالاغتيال المادي او المعنوي او بهما معا. وهذا حديث يطول....

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان