شعوبنا رائعة، الثورة الجزائرية عملت إنعاشا حيويا للثورة السودانية.
الساعة 08:00 صباحاً


الموجة الأولى من الربيع تركت خلفها دروسا بالغة للشعوب والعسكر. تعلم العسكر إن إطلاق النار قد يؤدي إلى مقتل الرئيس نفسه، مع خدمه وحشمه: صالح والقذافي.
أو يهد كل شيء على كل الناس: الأسد والثورة. 

أكثر من هذا: الطريقة لا تزال فاعلة. الخروج المنظم  للملايين يسقط الأنظمة المدرعة ويفضحها أمام العالم. 

قتل بن سلمان صحفيا نصف معارض فأصبح أمثولة عالمية، يثير اسمه الغضب والخجل. اعتقد أنه، مع ما آل إليه الربيع، صار قادرا على القتل المجاني. لا يجرؤ مثقف يحترم نفسه، يكتب لشعب يحترم نفسه، أن يذكر اسم مبس دون أن يفتح قوسين بعد الاسم.

ستأتي موجة ثالثة ورابعة من هذا الربيع وستضرب كل مرة في مكان. لنتذكر ربيع الشعوب الأوروبية سنة 1848. استعادت الأنظمة الأوروبية اللعبة خلال سنة وقتلت عشرات الآلاف، غير أن الموجات تكررت وضربت أكثر من شاطئ على مر السنين حتى انتقلت أوروبا إلى الديموقراطية الليبرالية التي ألهمت باقي العالم.

الانتفاضات العربية تعبير مكشوف عن أزمات عميقة تمر بها علاقة الأنظمة بالشعوب، وإعلان بانهيار الشرط القاهر: السلطوية القمعية مقابل الخبز والأمن.

في مرحلة ما يصبح للخبز معنى مركب تعجز السلطويات عن الإيفاء به، فينهار شرط الحكم. هذا ما حدث في الموجة الأولى وما سيحدث مستقبلا. النظرية التي تضبط إيقاع الربيع العربي بسيطة ومعقدة في آن، لخصها فانون في "المعذبون في الأرض" : إنما يثور أولئك الذين لن يخسروا في ثورتهم سوى الأغلال.

هل علي أن أندم لأني كنت فردا في الربيع؟ الأمر لا يتعلق بالخسارة أو الربح، بالندم أو الثقة. تراكمت الضغوط وانفجر الشعب في الهواء الطلق، انفجر بلا نظرية ولا قيادة. وسيتكرر المشهد مرات ومرات بالآلية نفسها، لأنه مشهد طبيعي يشبه فيزياء البراكين والأمطار والسيول، وفي كل مرة سنكون جزءا منه، مدفوعين بالفيزياء نفسها. 

لا يبدو أن هذا الدرس، على بساطته، قد وصل.

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان