لنفترض أن جماعة الإخوان المسلمين، ونظائرها/بناتها في العالم العربي، جماعة إرهابية.
الساعة 02:22 مساءً


لنقل:
حسنا، لدى السلطات الأمنية في عديد من الدول العربية من الأدلة ما يكفي حول النشاط الإرهابي لهذه الجماعة، وأن تلك السلطات لدواع ما ترفض الإفصاح عن تلك الأدلة..

الخطوة الأولى إعلان الجماعة إرهابية.
الخطوة الثانية: ترفض الجماعة هذا الإعلان وتهدد بمقاضاة السلطات.

بعد ذلك، أمام السلطات خيارات عصيبة:
أن تقوم بواجبها تجاه المسألة الأمنية وتزج بتلك الجماعة في السجون، تجمد أموالها، تعتقل من يتستر على أفرادها، تضرب بقوة كل شرايين وأوردة الجماعة، ولا تستثني أحدا أو شيئا، بما في ذلك الساسة والأكاديميين والناشطين والإعلاميين الإخوان.

بالموازاة:
تتيح السلطات للجماعة فرصة للدفاع عن نفسها أمام النظام القضائي.

النتيجة:
إذا حالت السلطات الأمنية دون مقاضاة عادلة وشفافة، للجماعة كمؤسسة والأفراد كل على حدة، فذلك سيعني أنها سلطة غير دستورية. فالسلطات التي تختطف النظام القضائي هي سلطات غير دستورية. الموقف من السلطات التي تنتهك الدستور إسقاطها والزج بها في السجون. هذا سيعني أن جماعتين ستذهبان إلى السجن، الإخوان والنظام.

إذا اكتفت السلطات بإدخال مجموعة صغيرة السجن وتركت الجزء الأكبر من الجماعة التي قيل إنها إرهابية طليقا فذلك سيعني أن السلطات تعرض مجتمعها لخطر الإرهاب ولا تقوم بواجبها الدستوري ولا بد من محاكمتها على الفور.

إذا زعمت السلطات أنها غير قادرة على إدخال مليون شخص إلى السجن وتجميد حساباتهم واقتلاعهم من أعمالهم، ذلك أن مثل هذا الفعل أكبر من قدراتها وإمكاناتها، فعليها أن تجيب عن السؤال العاجل:
ما الخطة البديلة تجاه هذه الجماعة الإرهابية التي تتحرك بيننا الآن وتهدد وجودنا؟ لماذا لا تبادر السلطة إلى نزع الفتيل القاتل في هذه الجماعة وتجلبها عبر الحديث والتفاوض من الكمائن إلى السياسة؟ لماذا لا تعرض عليها السياسة كبديل للإرهاب كما يجري مع جماعة الحوثي وطالبان وحزب الله؟

على السلطات أن تضع الجماعة كلها الآن في السجن، فالإرهاب ليس موضوعا مسليا، وأن تترك باب القضاء مفتوحا.. وأن لا تغلقه وإلا أصبحت هي الأخرى غير دستورية. على أن تكون السلطات جاهزة ماليا وإداريا لتعويضات قد تبلغ المليارات في حال كسبت الجماعة السجال القضائي. وإذا حدث ذلك، وخرجت الجماعة من السجن وكسبت التعويضات، فلا بد من الزج بهذه السلطات في السجن لأنها ستكون قد عبثت بأموال الدولة وثروة شعبها وبذرتها في صراع عبثي.

إن إعلان الجماعة إرهابية وتركها بيننا هو خيانة دستورية جسيمة. أما الزج بها في السجن ومنعها من حقها الطبيعي في الحديث إلى القضاء ومناقشة الأدلة فهي خيانة دستورية ثانية..

وإذا كان غير ممكن هزيمة هذه الجماعة الإرهابية فلماذا لا ندعوها إلى السياسة كما تفعل أميركا الآن مع طالبان بعد حرب استمرت ١٩ عاما، هي أطول حرب أميركية في التاريخ.

انظروا، نحن نعيش في غابة.
هذه هي الغابة، وهذا يفسر لماذا هي حياتنا كلها تعيسة وخرا. 

تشبه جماعة الإخوان "اليمينية" كل الموجات اليمينية في العالم، من روسيا إلى أميركا. ومثلها كلها تقدم خطابا ديموقراطيا غير ليبرالي، وتتحدث بالضبط مثل بومبيو، وزير الخارجية، الذي قال قبل أيام إن الله أرسل ترامب لإنقاذ أميركا واليهود، وقال إنه هو نفسه عشتار زوجة ملك الفرس التي حالت دون ذبح اليهود وقتلت أعداءهم. مثل اليمين الروسي الذي يحرق دور السينما، والبولندي الذي يحرق هاري بوتر، والألماني الذي يوزع كتاب كفاحي، و الايطالي الذي يفصل أساتذة الجامعة بسبب مقالاتهم، والنمساوي الذي يقيل الصحفيين بسبب أسئلتهم، والأمريكي الذي قال ٨٣٪ منه إن الصحافة عدو الشعب. كل هذه القوى تتحرك طليقة وتعيش في عالم اليوم، وتكسب سجالا سياسيا متزايدا ولا يجزؤ أحد على تجريمها، لأنها ستذهب إلى القضاء. 

وهي كلها قوى ديموقراطية غير ليبرالية، أي نصف ديموقراطية، أو ربع ديموقر اطية.

غير أن المسافة بين الديمقراطية غير الليبرالية والاستبداد المطلق تقاس بالضوء.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان