هذيان محموم تحت دقات عقارب الساعة
الساعة 07:41 صباحاً

ليست المرة الأولى التي تزورني فيها الحمى فالحمى هي عنوان لكل الامراض تقريبا وهي تأتي نتيجة صراع جسدي ومعركة دفاع يقوم بها الجسد.

الحياة  كلها حلبة صراع دائرية الشكل  ميدانها  الجسد أي الجانب الطيني كقالب للروح  الذي يتحمل  الإحساس بالوجع.

يمر الإنسان بعدة فترات لهجوم الحمى في حياته منذ الميلاد حتى آخر جولة تبقى تنحت فيه وتعاود النحت بصور مختلفة ومسميات متنوعة حتى يسقط الجسد وتنتهي دورة الصراع هذه إلى الموت.

والموت هنا ليس هزيمة او نهاية المطاف بل هو  بوابة لطيفة لجولة أخرى مختلفة أبرز مافيها الذهاب إلى وجه رب رحيم رحمته وسعت كل شيء .

والجهل بها يسبب هذه  الوحشة من الموت القريب والرافعة الضرورية والمألوفة ،فهو نافذة خروج ملحة  إلى واحة أوسع بقوانين مختلفة  ربما يشبه الخروج من الدنيا الخروج من بطن الأم الذي يخرج منها الإنسان باكيا  فهو في الحالتين ميلاد لمرحلة جديدة أوسع.

 ولولا الموت لفسدت الحياة الدنيا على فسادها.

 

  الموت  مرحلة التحرر من القيود و أثقال الطين ولزوجة التراب وما يصاحبها من أحزان وأفراح وضحك وبكاء  كلها تمر  ويأكلها الوقت فتصبح أقرب إلى صور المنامات  مهما كانت بيضاء أو سوداء لافرق.

 

الحمى رسول الموت واداته والمسألة مسألة وقت ياصاحبي

زار أحدهم صديقه المصاب بالسرطان وعندما سأله آخر عن حالة صديقه قال بحسرة المسألة مسألة وقت ؟!

وكأنه هو ونحن  والطبيب  والدنيا ومن عليها لا ينطبق علينا وعليها  قانون -المسألة مسألة وقت-

 

وتبقى حقيقة  الموت كوسيلة  تحرر  إلى الهواء الطلق من كثافة الطين ومن سراب الزوال إلى مساحة الزمن الثابت حيث تتغير قوانين الزمان من قوانين الزوال إلى قوانين الخلود

فتتوقف عقارب الساعة المخيفة على رؤسنا(طق طق طق )  إلى  اعمدة نور  مقيمة وخالدة .

ومع تغير قانون الزمن  إلى قانون الخلود يتحول كل شيء شيء وكل نعيم نعيم (وبشرهم ربهم بجنات ونعيم مقيم )

فيقيم النعيم بإقامة الزمن وانتفاء الزوال الذي يحيل كل شيء إلى سراب حيث (لا لذة مع الزوال ) طالت ام قصرت  في حياة  يقتل فيها جريان الليل والنهار كل معالم الحياة

(يشيب الصغير وينهي الكبير

جري النهار وكر العشي)

هذا الجري والكر لليل والنهار نحن مادته وكأنهما منشار خشب  مزدوج الحركة ينهي الاحساس بالحياة  فلا فرق فيه بين عام  أو الف عام  والحمى عنوان اساسي  لمنشار الزوال الذي نطلق عليه الليل والنهار.

 

  حقيقة ياصاحبي تجعل الحياة ومضة زوال وعنوان فناء خاطف لاتستحق دمعة حزن ولا ضحكة فرح والأمور فيها على تناقضاتها الظاهرة لاتفرق وكلها وجهان لحقيقة واحدة اسمها الزوال

فهي لاتنفع  سوى أن تكون  مزرعة غرس فسائل  وصفحة استثمار لجولة تناسب الروح الذي يعشق الخلود وينفر بفطرته من الفناء

والخروج من دار كل مظاهرها أوهام. وكل ألوانها تراب وكل ما فوق التراب تراب.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان